بقلم - عمرو الشوبكي
مقال وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، الذى نشر أمس الأول فى صحيفة «وول ستريت جورنال» تحت عنوان:
The Coronavirus pandemic will forever Alter the world order
يثير كثيرًا من التساؤلات حول عالم «ما بعد كورونا»، خاصة أن الرجل ليس فقط واحداً من أهم وزراء خارجية أمريكا، إنما هو أيضا «مصنع أفكار» تثير الجدل فى العالم كله.
وقد رعى كيسنجر اتفاق فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل عقب انتصار أكتوبر، وكان من أشد داعمى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
واستمر فى لعب دورة المؤثر حتى وصفه البعض بفيلسوف السياسة الخارجية الأمريكية، رغم أنه لم يستمر فى منصبه كوزير للخارجية إلا حوالى 5 سنوات، ومع ذلك بقى مؤثراً فى النقاش العام فى أمريكا لأكثر من 40 عاما.
وكثيراً ماجرت مقارنة بين كيسنجر والراحل الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل من زاوية الحضور والتأثير فى المجال العام وليس تقارب الأفكار، مع فارق رئيسى أن كيسنجر يُحتفى به من قبل البعض ويُنتقد من قبل البعض الآخر ، إلا أنه لا أحد يجرؤ على أن يقول له «كفاية» لقد وصلت إلى 97 عاما مثلما كان يفعل بعض أنصاف المتعلمين مع حضور الأستاذ هيكل فى المجال الصحفى والعام، رغم أنه لم يكن يملك سلطة، إنما فقط جديته وثقافته وموهبته الاستثنائية، وأن أى نظام يحترم العلم والجدية والعطاء سيحتفى بأى أفكار (اتفاقا أو اختلافا) تُطرح.. وإن موضوع سيطرة الأجيال الكبيرة يناقش فقط إذا تولوا لسنوات طويلة مواقع تنفيذية.
وقد دقٌ مقال كيسنجر ناقوس الخطر، متوقعاً حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية قد تستمر لأجيال بسبب الوباء، ملمحًا إلى تفكك العقد الاجتماعى محليا ودوليا.
وأشار «إلى أن الجو السريالى لوباء Covid-19 يشير إلى ما شعرت به عندما كنت شابًا فى فرقة المشاة 84 خلال معركة الثغرة (Battle of the Bulge) فى الحرب العالمية الثانية فى أواخر عام 1944، حين كان هناك إحساس بخطر ناشئ لا يستهدف أى شخص بعينه، بل يضرب بشكل عشوائى مخلفا الدمار».
وأبدى الرجل اندهاشه من كون دول العالم تتعامل بمنطق وطنى مع الفيروس، فى حين أنه تحول إلى وباء عالمى وليس محليا. وقال إن الحكومة الفعالة وبعيدة النظر ضرورية للتغلب على العقبات غير المسبوقة فى الحجم والنطاق العالمى، وإن الحفاظ على ثقة الجمهور أمر حاسم للتضامن الاجتماعى، وعلاقة المجتمعات ببعضها، وللسلام والاستقرار الدوليين.
وأضاف: تتماسك الأمم وتزدهر عندما يمكن أن تتنبأ مؤسساتها بالكارثة، وتوقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار. وعندما ينتهى وباء كورونا، سيتم النظر إلى مؤسسات العديد من البلدان على أنها قد فشلت. لا يهم ما إذا كان هذا الحكم عادلاً أم لا، لأن العالم لن يكون كما كان قبل الفيروس.