التخلف الذى يقتل الإنسانية

التخلف الذى يقتل الإنسانية

التخلف الذى يقتل الإنسانية

 لبنان اليوم -

التخلف الذى يقتل الإنسانية

بقلم : عمرو الشوبكي

حوادث القتل والإرهاب التى يشهدها كثير من دول العالم جعلت البعض يتعامل معها بمنطق انتقائى بسبب تحيزاته السياسية والطائفية، وفى أحيان أخرى بسبب التخلف وقلة الوعى الذى يدفع البعض لأن يردد كلاما قاتلا للفطرة الإنسانية السوية.

يقيناً، هناك إرهاب الدواعش وحلفائهم، وهو أسوأ أنواع الإرهاب وأحطها، فهم القتلة والمجرمون، وهم فى النهاية جعلوا كثيرين يقبلون بنظم استبدادية سيئة، إذا كان البديل هو نظام من «ريحة داعش»، مثلما هو الحال مع النظام السورى وغيره.

أذكر أنى كتبت مقالاً فى 3 أبريل 2015 تحت عنوان «إنسانيتنا المحترقة»، تعليقاً على عملية حرق الطيار الأردنى الشاب معاذ الكساسبة جاء فيه: «الطيار الأردنى شاب مثل آلاف الضباط الشرفاء على امتداد العالم العربى الذى لم يقتل أطفالا ولا مدنيين كما يدعى القتلة المجرمون إنما قتل إرهابيين شردوا وذبحوا الأطفال والنساء والرجال، واستباحوا الأعراض، ولولا مثل هذا الطيار الشهيد لكان التنظيم المجرم قد اقتحم مدينة عين العرب كوبانى وشهدنا مذبحة إنسانية لم نر مثلها فى تاريخنا الحديث.

الفارق بين الدولة فى كل مكان (مهما كانت أخطاؤها) والعصابة واضح، فهناك سجينة إرهابية ارتدت حزاما ناسفا لتنفذ عملية إرهابية فى أحد فنادق الأردن (ساجدة الريشاوى)، وأراد الله أن ينقذ الأبرياء من شرها، فلم ينفجر، واعتقلت ثم سجنت، وبعد حرق الطيار البطل نفذ فيها حكم الإعدام ولم تحرق أو تذبح مثلما فعل الإرهابيون المجرمون».

والحقيقة أن انحيازنا للدولة الوطنية ثابت ولا يحتاج لدليل، ولكن حين تتصرف كدولة حتى لو فرضت الطوارئ مثلما فعلت دول ديمقراطية كثيرة، أما حين تتصرف كعصابة حاكمة مثلما يفعل نظام بشار الأسد ويصدقه البعض ويدافع عنه البعض الآخر بجهل أو تخلف أو انعدام وعى، فتلك مصيبة كبرى.

البعض لم يستطع أن يسير بالخط على استقامته، ويتعاطف مع كل الضحايا المدنيين مهما كان قاتلهم، فتجاهل البعض بتحيز فج أن نظام بشار قاتل ومصدر للإرهاب، رغم أن مطالب غالبية الدول الآن (بمن فيها أمريكا ومعظم دول الخليج ماعدا قطر طبعا) هى عدم سقوطه لصالح الدواعش، إنما رحيله والحفاظ على ما تبقى من الدولة والجيش السورى مثلما رحل مبارك وزين العابدين، ومثلما يرحل أى رئيس فشل فى حل مشاكل شعبه، فلماذا نستثنى مجرم حرب مثل بشار المسؤول الأول عما حدث لسوريا وليس فقط مجرد رئيس فاشل؟

التخلف والجهل يجعلنا نسقط فى نظرية مؤامرة خائبة تبرر فى النهاية جريمة قتل الناس بالكيميائى أو بالبراميل المتفجرة أو القنابل الحارقة بل يعتبرها البعض عملا من أعمال السيادة، ومن بطولات النظام السورى.

للأسف، فى سوريا ميليشيات طائفية لبنانية وعراقية وإيرانية، هى التى تقاتل أساسا على الأرض، وهى التى استعادت حلب وغيرها، وأن المقايضة الجاهلة التى تعتبر أن ضحايا مجرمى داعش هم فقط من يستحقون التعاطف والحزن، أما ضحايا النظام فسنغمض أعيننا عنهم ولهم رب يرعاهم، فى خلل وحول نفسى وإنسانى يصل لحد المرض.

النظام السورى لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل منذ 1973، فهو ليس عبدالناصر حتى نتوهم أنه يحارب استعمارا أو إسرائيل، وأن أمريكا التى تآمرت على صدام حسين بقصة الكيميائى فيها رئيس جديد لا يرى حتى الآن (رغم الضربة الأمريكية) إسقاط بشار أولوية، وأنه لو كان رحل منذ 4 سنوات لصالح بديل من داخل دولته لكانت سوريا الآن بلا 300 ألف قتيل وملايين المهجرين، أو كما قال جمال أبوالحسن أمس الأول فى «المصرى اليوم» بأن مهادنة النظام الأسدى خطيئة كبرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التخلف الذى يقتل الإنسانية التخلف الذى يقتل الإنسانية



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon