المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

 لبنان اليوم -

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

بقلم : عمرو الشوبكي

نجحت الدولة فى إجراء مصالحة بين حركتى فتح وحماس لتكرر ما سبق وقام به أكثر من مرة جهاز مخابراتها بقياده الراحل عمر سليمان، وفى مرات سابقة ظهرت أطراف أخرى مثل تركيا وقطر باعتبارهما من داعمى غزة، وانتشرت صور زعمائهم فى شوارعها قبل أن تظهر صور السيسى مؤخراً، إعلاناً عن بدء مرحلة جديدة.

والحقيقة أن الفارق الرئيسى بين سياق عمر سليمان وسياق خالد فوزى أنه فى الأول لم تكن حماس قد اعترفت بالفشل فى إدارة قطاع غزة، وبفداحة ثمن خياراتها العسكرية والسياسية فقد كانت مازالت تمتلك أوراقاً إقليمية وهامشاً نسبياً للمناورة، وتعتبر أنها مازالت فصيلاً مقاوماً رغم أنها مارست نفس أساليب النظم الاستبدادية العتيدة فى العالم العربى وهى تدير قطاعاً وليس دولة مستقلة.

والمؤكد أن مشاكل قطاع غزة الاقتصادية والسياسية تفاقمت تحت إدارة حماس التى دعمت إخوانها فى مصر وشكلا حلفاً عقائدياً واحداً فى مواجهة السلطة الجديدة التى جاءت عقب ترتيبات 3 يوليو، وهو ما جعل فرص استمرار هذه المصالحة أكبر من سابقتها لأنها جاءت على أنقاض فشل مؤكد لحركة حماس وأيضا عدم نجاح السلطة الفلسطينية فى التقدم بمسار التسوية السلمية وبناء الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك ستبقى تبعات هذه المصالحة ودلالتها فى داخل مصر تحتاج لقدر من التأمل، فالمعروف أن الدولة المصرية وإعلامها المتحمس أكثر من حماس اتهم الحركة بفتح السجون ودعم الإرهاب وممارسته، وطالب البعض فى أعقاب أى عملية إرهابية تتعرض لها سيناء بضرب غزة وحماس بالطائرات.

والسؤال الذى يجب فى يوم من الأيام الإجابة الشفافة عنه: هل حماس فعلاً مسؤولة عن الإرهاب الذى شهدته مصر وهى حركة إرهابية؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف يمكن أن تتصالح مع حركة إرهابية ولماذا لا تتصالح إذن مع باقى الحركات الإرهابية التى تعتبرها الدولة إرهابية مثل الإخوان؟ أما إذا كانت الإجابة بلا، وأن حماس ليست حركة إرهابية، إنما هى خصم سياسى لأى مشروع مدنى داخل فلسطين والعالم العربى، وربما تواطأت أو أغمضت عينها عن تسلل عناصر إرهابية إلى داخل مصر وكانت «تجاره الأنفاق» المرضى عنها لدى الجانبين المصرى والحمساوى سبباً فى تسلسل هذه العناصر للأراضى المصرية، ويحسب للحكم الحالى إغلاقه لها.

إذا كانت حماس لا تستهدف أمن مصر وأنها قبلت بكل الشروط المصرية لضبط الحدود بل وقدمت كافة المعلومات الأمنية عن الجماعات التكفيرية والعنيفة فى قطاع غزة واعتقلت بعضهم، فهل يعنى ذلك أن الاتهامات التى وجهت لحماس فى الماضى كانت سياسية ودعائية بدءاً من اتهامها بتنفيذ عمليات إرهابية داخل كل مصر مروراً بفتح السجون وانتهاء بتخابر مرسى معها؟

الحقيقة أن مسار المصالحة مع حماس سيتطلب توضيحات للداخل المصرى «المنسى»، فإذا كانت فى السياسة الخارجية هناك صفقات تجرى بشكل طبيعى ومقبول مع الخصوم والأعداء والحلفاء طالما لا تفرط فى أرض ولا تتنازل عن السيادة والكرامة الوطنية، فلا توجد عداوات دائمة ولا تحالفات دائمة.

إلا أن الأمر يختلف فى الداخل لأنه مطلوب من أى نظام سياسى أن يفرض شروطه على القوى التى يتحالف معها أو يستوعبها داخل العملية السياسية الشرعية على عكس علاقته الخارجية التى لا يستطيع فيها مثلا أن يفرض على حماس أن تصبح ليبرالية أو أن تلتزم بالدستور المصرى إنما فقط ما يتعلق بالحدود والتوجهات الخارجية.

إن خبرة كثير من نظمنا مع إخوان الداخل كانت قائمة على فكرة الصفقة مثلما جرى فى عهد الرئيس السادات، حين سمح لهم بالعودة السياسية وفق شروطهم أى كجماعة دينية عقائدية تمارس السياسة، وليس جمعية دينية دعوية وحزبا سياسيا منفصلا عنها.

إن أخطر ما يمكن أن تواجه مصر أن يعاد ترتيب المشهد الإقليمى والداخلى ونجد عودة للإخوان مرة أخرى بنفس أوضاعها القديمة بسبب أن هناك مطبِّـلين وهتيفة يصرخون كل يوم ضدهم دون أن يقدموا مشروعا سياسيا واجتماعيا مدنيا قادرا على الإنجاز والتقدم.

المطلوب هو امتلاك رؤية سياسية متكاملة قادرة على خوض مواجهة فكرية وسياسية مع تنظيم الإخوان بغرض تفكيك مقولاته العقائدية والسياسية وحصارها وكشف التناقضات الموجودة بداخلها، وفتح الباب أمام أنصار الجماعة أو المتعاطفين معها للدخول فى العملية السياسية (المجمدة)، وتحويل جزء منهم من شامتين فى أزمات البلاد إلى معارضين سلميين.

القبول المشروط أو الدمج الآمن، كما سبق أن سميته، والذى قام على فكرة وجود دستور مدنى يلتزم به الجميع وفصل الحزب السياسى عن أى جماعة دينية أو عقائدية وهو عكس ما جرى عقب ثورة يناير، حيث وضع الإخوان الدستور على مقاسهم وهيمنت الجماعة السرية على الرئاسة والحزب السياسى.

ولذا حين يتحدث البعض عن مصالحه مع الإخوان، ويضغط البعض الآخر وفق حسابات إقليمية ودولية لإجراء صفقة معهم، وهى كلها خيارات ستعيدنا للمربع صفر مرة أخرى لأنها لا تضع أى شروط وقواعد يكون هدفها إنتاج نموذج آخر غير الإخوانى الذى رأيناه عقب يناير.

مسار المصالحة مع حماس لا يعنى المصالحة مع الإخوان لأن استحقاقات الأولى تختلف جذرياً عن استحقاقات الثانية، وأن امتدت مصالحة الخارج إلى الداخل فى ظل الظروف الحالية فستكون أقرب لصفقة فى الظلام فاحذروا الصفقات حتى لو جاءت بعد حين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon