بقلم : عمرو الشوبكي
فى مصر حديث عن الإصلاح، ولكنه حديث على «الوش»، يأخذ الرتوش ولا ينفذ للجوهر، فهناك حديث دائم عن تغليظ عقوبة المخالفين للقوانين، نسمع عن ذلك فى قوانين المرور والبناء وكل شىء تقريبا، ولكن ولا مرة عن تطبيق القانون أو تفعيل ما هو موجود، لأنه يتطلب جهدًا حقيقيًّا لمعرفة أسباب عدم تطبيق القوانين، أما تغليظ العقوبة فهو مجرد شعار، لأن مآل التغليظ مثل «قبل التغليظ»، لا تطبيق على أرض الواقع.
صحيح أن هناك بعض الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف أو رفع الدعم لم تكن «على الوش» وكانت فى المضمون والجوهر، ومع ذلك ظل المعتمد فى معظم المجالات الأخرى خطوات تحرص على اللقطة والصورة، لا المضمون.
الحديث اليومى عن إصلاح الإعلام لم يتجاوز كثيرًا تغيير «الوشوش» والديكور والإيقاع ولم يصل إلى الجوهر. ماذا يعنى إعلام الدولة أو إعلام الخدمة العامة؟ وهل تطوير ماسبيرو يعنى البحث عن نفس جمهور القنوات الخاصة بحوار مثلا مع محمد رمضان سعيًا وراء نسب مشاهدة من نفس الوعاء، دون أى محاولة لتأسيس نموذج جديد يحول التليفزيون الحكومى إلى تليفزيون يقدم خدمة عامة ويحرص على وجود نشرة مهنية عالمية قادرة على المنافسة والتأثير داخليًا وخارجيًا، وتطوير القنوات المتخصصة بتقديم مواد ذات مضمون ثقافى رفيع تختلف عما يقدم فى القنوات الخاصة؟!.
جانب آخر من صور الإصلاح «على الوش»، ما يجرى على الطرق وفى نظامنا المرورى، فهناك عشرات الكبارى التى شيدت، وهناك طرق سريعة تتمتع «برصف حريرى» غير معتاد فى معظم شوارعنا، ومع ذلك تتفاقم كل يوم أزمة المرور ويسقط كل عام الآلاف من ضحايا الطرق.
كيف يمكن أن تتعامل الدولة بهذا البرود مع مشاهد السرعة الجنونية والفوضى والعشوائية والسير عكس الاتجاه فى الطرق السريعة، مَن يحمى الميكروباص والتوكتوك؟ ومن أعطى حصانة فوق القانون لسيارات خاصة وعامة؟ ومن أجاز الزجاج الداكن للبعض ومنعه للبعض الآخر؟ ومن سمح بوجود «بادج» يعلن وظيفة صاحب السيارة رغم أن القانون يمنعه؟.
المطلوب ليس كلامًا على الوش يغلظ عقوبة المخالفين ولا يطبقها فى أرض الواقع على طريقة دهان المؤسسات الحكومية أو بناء مبانٍ شاهقة فخمة دون أى حرص على تطوير أدائها وتحسين تعاملها مع الجمهور.
نحتاج إلى تعامل مع المضمون لا الشكل حتى نعرف أسباب التعثر، فالإعلام يحتاج قواعد منظمة لا قيود تفرض عليه، والمرور والطرق لا تحتاج لتغليظ العقوبات إنما إلى تنفيذ القوانين الموجودة، ومؤسساتنا الحكومية تحتاج إلى إصلاح جذرى ينطلق من وضعية البشر لا شكل الحجر، وهى أمور لن تتحقق إذا استمررنا فى التحرك «على الوش».