تركيا تصالح روسيا

تركيا تصالح روسيا

تركيا تصالح روسيا

 لبنان اليوم -

تركيا تصالح روسيا

بقلم :عمرو الشوبكي

حين تغيرت دفة المصالح تغيرت بوصلة السياسة، هذا ما حدث بين تركيا وروسيا عقب زيارة الرئيس التركى، رجب طيب أردوجان، لروسيا، ولقائه الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى «قصر الأباطرة» بمدينة «سان بطرسبرج» التاريخية العريقة.

تاريخ العلاقة بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية هو تاريخ دموى، وتاريخ تنافس وصراع، والعلاقة بين الجمهورية التركية الحديثة والاتحاد السوفيتى كانت أيضاً علاقات مواجهة لعقود طويلة، خاصة طوال مرحلة الحرب الباردة التى كانت فيها تركيا قاعدة أساسية لحلف الناتو والقوة الغربية.

تاريخ الإمبراطورية العثمانية والجمهورية التركية كان غالباً فى مواجهة الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتى، ومع ذلك فإن هذا التاريخ لم يحل دون دخول البلدين فى تحالف استراتيجى نتيجة تغيرات دولية وإقليمية كبيرة جعلتهما يتجاوزان ما عكر صفو العلاقات بينهما فى أعقاب إسقاط الطائرة الروسية على يد المقاتلات الحربية التركية.

والحقيقة أن قبول روسيا المبادرة التركية بالصلح معها، وسعى الأولى لهذا الصلح حكمته فلسفة أخرى غير «الصلح خير» إنما روح عملية حكمت التحركات التركية بعد تفاقم أزماتها الداخلية مؤخراً، وقناعة أردوجان أن الغرب والولايات المتحدة لم يعارضا الانقلاب العسكرى فى تركيا، بل اتهمهما بأنهما وقفا وراءه أو تواطآ معه.

والحقيقة أن روسيا تفاعلت إيجاباً مع التحركات التركية الجديدة لأن كلا البلدين بات على خلاف مع الرؤية الغربية للمنطقة، خاصة أنهما نظامان ليسا ديمقراطيين بشكل كامل، وجانب من الانتقادات التى توجه لتركيا فى ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان يوجه لروسيا أيضا، وبدت سياسة البلدين الخارجية محل امتعاض ورفض من قبل القوى الكبرى، فما فعلته روسيا فى أوكرانيا وضم إقليم القرم لجمهوريتها أثار هجوم الغرب ومقاطعته لها، أما تركيا فقد ظل الغرب يتهمها بدعم داعش أو التواطؤ معه، ورفض دعمها السابق لحماس وتشددها القديم مع إسرائيل.

يقيناً صورة البلدين فى الإعلام الغربى وكثير من دوائر صنع القرار فى أوروبا وأمريكا شديدة السلبية، ورفض الدول الغربية سياستهما جعلهما يتجاوزان معاركهما الصغيرة وخلافاتهما على سوريا وعلى حادث الطائرة، ويؤسسان نواة لحلف استراتيجى يبدو أنه فى مواجهة مع الغرب أو على الأقل يمثل حائط صد دفاعى للدولتين أمام هجمات الدول الغربية السياسية والإعلامية.

والحقيقة أن تركيا حافظت فى ظل طبعتها السلطوية من حكم أردوجان على قوتها الاقتصادية (هى واحد من أهم 20 اقتصاداً فى العالم)، وتأثيرها السياسى وقدرتها على التواصل مع القوى الكبرى، ولايزال جزء كبير من العالم يثق فيها كدولة مسؤولة وجادة رغم شطط أردوجان واعتدائه المتكرر على الديمقراطية.

حين صالحت تركيا روسيا قدمت نفسها باعتبارها جزءاً من العالم الحديث وليست عجبة متفردة، وأيضا جزءا من قيمه العامة والإنسانية الحديثة، حتى لو انتهك أردوجان الديمقراطية إلا أنه يعلن دائماً أنه مضطر إلى ذلك، وأنه مؤمن بمبادئ الديمقراطية والإرادة الشعبية، وأنه جزء من قيم العالم المتقدم من رشادة وجدية.

الخصومة والصلح مع دول العالم تحكمهما المصالح ورؤى استراتيجية للعلاقات الدولية، وعدم التوقف عند صغائر الأمور والتعامل مع خلافات الدول بطريقة خصام تلاميذ المدارس الابتدائية، تركيا نجحت فى أن تهرب للأمام بصلح مع روسيا قد يحسن من أوضاعها الداخلية، ولكنه لن يحل مشاكلها طالما بقى أردوجان على رأس السلطة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا تصالح روسيا تركيا تصالح روسيا



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon