ولدوا في 23 يوليو

ولدوا في 23 يوليو

ولدوا في 23 يوليو

 لبنان اليوم -

ولدوا في 23 يوليو

بقلم : عمرو الشوبكي

مرت الذكرى الرابعة والستون لثورة يوليو، وتكرر الجدل حولها بين غالبية كاسحة مؤيدة لإنجازاتها ولضرورتها التاريخية حتى لو أقرت بمثالبها وإخفاقاتها، وبين أقلية ما زالت تتوهم عودة الملكية «الشيك» ومصر الباشوات والبكوات والقصور الأنيقة وتنسى أو تتناسى الفقر والأمية وحفاة القرى والنجوع.

والحقيقة أن أسوأ قراءة لثورة يوليو ولقائدها جمال عبدالناصر هو إخراجها من سياقها التاريخى ومن الظروف التى أحاطت بها حتى يتم تصفية الحسابات معها والانتقام من إنجازاتها.

وإذا كنت ولدت يوم 23 يوليو 1952 فما هى أولوياتك؟ وما هى القيم التى حملها مجتمعك وجعلتك تؤمن بثورة يوليو وتحب عبدالناصر وحلمت بانتصاراته وحزنت لانكساراته؟.

23 يوليو 52 جاءت عقب فشل حزب الوطنية المصرية الأكبر، أى «الوفد»، فى تحقيق الاستقلال، بعد أن تآمرت عليه قوى كثيرة جعلته يصل للحكم أقل من 7 سنوات غير متصلة فى الفترة ما بين ثورة 1919 وحتى ثورة 1952 رغم شعبيته الجارفة.

المصريون أحبوا يوليو لأن كل مصرى وطنى ولد فى ذلك الوقت كانت أولوياته تحقيق الاستقلال وخروج المستعمر، فحققت له يوليو الجلاء وأعلنت الجمهورية (التى أصبحت مصدر شرعية نظامنا السياسى)، ثم قاد عبدالناصر معارك التحرر الوطنى، وأمم قناة السويس وبنى نهضة صناعية وزراعية وثقافية.

لم يطالب غالبية الشعب المصرى بالديمقراطية التى ذبحت قبل ثورة يوليو بمنع الحزب الأكثر شعبية من الوصول للسلطة، إنما طالبته بالتحرر من الاستعمار وتحقيق العدالة مثلما فعلت كل دول العالم الثالث التى عانت من ويلات الاحتلال.

إذا كنت ولدت فى 23 يوليو فأنت شاهد على الطبعة الأخيرة من جيل «الضباط الثوريين»، الذين أسسوا تنظيمات سرية مثل نظرائهم المدنيين، وقاموا بالثورة على النظام القائم، فتحركوا ضد قيادة المؤسسة العسكرية نفسها وأسقطوا النظام القائم وأسسوا لآخر جديد مختلف جذريا.

تغير حال الجيوش فى منطقتنا والعالم، وانتقلت من وضعية الجيوش التى تخترقها التنظيمات السياسية إلى الجيوش الاحترافية المهنية، وانتقلنا إلى عصر جديد صارت فيه الحرية والديمقراطية والمواطنة والمهنية واحترام العلم والشفافية والنقاش العام هى قيم العصر الجديد والنظم الناجحة.

إذا كنت ولدت فى 23 يوليو 52 فإنك عشت فى ظل نظام سياسى صمم بصورة مخالفة للنظام الذى عجز عن إنجاز الاستقلال، فالأحزاب تم حلها لأنها عجزت عن تحقيق الاستقلال الوطنى وتواطأ بعضها تارة مع القصر وأخرى مع الاحتلال، وتم تبديل الدستور الذى لم يُحترم كثيرا إبّان العهد الملكى بشرعية ثورية أسست لنظام جديد على أسس ثورية لا دستورية ولا ديمقراطية.

أما إذا كنت ولدت فى 23 يوليو 2016 فإنك جئت فى عصر ثار فيه الشعب فى 25 يناير على نظام سياسى غير ديمقراطى محدود الكفاءة، مطالبا بتحقيق المساواة والعدالة وتأسيس نظام سياسى جديد لعصر جديد.

من ولدوا فى 23 يوليو 52 أيدوا نظاماً هو ابن عصرهم تحققت فيه أحلام فى التحرر الوطنى والاستقلال، فى حين أن من ولدوا فى يوليو الجديدة مازالوا يبحثون عن نظام جديد ابن عصرهم، يحقق أحلامهم فى العدالة والمساواة ودولة القانون، فلا يمكن استنساخ يوليو 1952 فى 2016 وإلا سنأخذ منها غياب الديمقراطية ونترك جوهرها (التحرر الوطنى) الذى لم يعد يمثل جوهر معارك العصر الحالى، مثلما لا يمكن أن نقيم يوليو 52 على ضوء قيم ومبادئ وأولويات يوليو 2016 فنظلمها ظلماً شديداً.

تحية لمن ولدوا فى 23 يوليو 52 ولمن ولدوا فى يوليو الجديدة؛ فكلاهما دافع عن قيم سامية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولدوا في 23 يوليو ولدوا في 23 يوليو



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon