اليوم 30 يونيو ماذا بعد

اليوم 30 يونيو.. ماذا بعد؟

اليوم 30 يونيو.. ماذا بعد؟

 لبنان اليوم -

اليوم 30 يونيو ماذا بعد

بقلم : عمرو الشوبكي

مرت ثلاثة أعوام على ثورة الشعب المصرى ضد حكم الإخوان، ومازالت غالبية الناس ترى 30 يونيو حتمية لأنها أنقذت مصر من مصائر كارثية، حتى لو اختلفت التقديرات حول ما جرى بعدها، إلا أنها نالت دعما وتوافقا أوسع مما ناله النظام الحالى بعد عامين من حكم البلاد.

والمؤكد أن سؤال 30 يونيو دلالته ليست فى النقاش بين الأغلبية التى تعتبره انتفاضة شعب وبين الأقلية التى تعتبره انقلابا، إنما فى تداعيات قيام الإخوان بتنفيذ مشروع التمكين من أجل البقاء الأبدى فى السلطة حتى لو كان الثمن الدخول فى اقتتال أهلى وتفكيك الدولة، وهو ما أدى إلى تدخل الجيش لإنهاء حكم الجماعة.

وسواء اعتبر أغلبنا أنه لم يكن هناك بديل عن تدخل الجيش لإسقاط حكم الإخوان، أو اعتبر بعضنا أنه كان يجب ألا يتدخل الجيش ويستمر فى الضغط الشعبى حتى يقبل مرسى بانتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن النتيجة فى النهاية هى عجز الاثنين عن فرض آليات ديمقراطية لحسم الصراع السياسى بين الإخوان وأغلب الشعب المصرى، وأن المجتمع المصرى عجز عن تغيير حكم الإخوان بالوسيلة الديمقراطية.

أما ماذا بعد؟ فقد ارتبط بنتائج 30 يونيو، فهى من ناحية امتلكت عناصر قوة تمثلت فى أنها حافظت على الثوابت، أى الدولة الوطنية، الدستور المدنى (نظريا)، النظام الجمهورى، وأنهت حكم الجماعة الدينية الذى خطط للبقاء الأبدى فى السلطة.

أما عناصر الضعف فقد ارتبطت بما بُنى على 30 يونيو، فقد اعتبر بعضنا أن الديمقراطية غير مهمة، لأنها لم تسعفنا فى تغيير حكم الجماعة الذى أثبت أنه غير قابل للتغيير بالديمقراطية، وبالتالى لا داعى لها، صحيح أن 30 يونيو مثلت عودة للبدايات الصحيحة، فلم تسقط الدولة الوطنية، ولم يحكم البلاد تحالف إخوانى تكفيرى، وتتحول مؤسسات الجيش والقضاء والشرطة إلى كيانات إخوانية غير قابلة للإصلاح، وبقيت مؤسسات وطنية يمكن إصلاحها، إلا أننا عدنا لدولتنا المأزومة، ولم تُبن دولة حديثة ولا ديمقراطية ولم تصلح مؤسساتها، واستمرت فى أدائها المتدهور، أى أننا عدنا كما نحن، نطرح جانبا كبيرا من أسئلة 2010، ولكننا لم نذهب إلى حيث كان يُخطط لنا على يد الإخوان، أى الهبوط بالسالب والذهاب إلى طريق اللاعودة، وبقينا عند نقطة الصفر.

ومع عودتنا لنقطة البداية اكتشف كثير منا تداعيات غياب الديمقراطية والمشاركة المجتمعية ودعم المبادرات الأهلية، فالبعض تصور أنه يمكن بناء نظام سياسى خالٍ من كل الشوائب التى لا يرضى عنها إسلاميون نشطاء حقوقيون، مثلما فعل ثوار يناير حين تصوروا مصر بلا نظام قديم وحزب وطنى وبدون اتجاهات محافظة وتقليدية، واكتشف الجميع أن كل هؤلاء موجودون فى المجتمع، حتى لو اختلفت أوزانهم، وحتى لو كان بعضهم فى السجون الآن.

والحقيقة أن هناك تصاعدا نسبيا فى وعى قطاعات ليست بالقليلة ممن دعموا 30 يونيو فى أهمية الديمقراطية ودولة القانون كشروط لتحقيق التقدم الاقتصادى، وأن أى حديث عن أن مصر بحاجة فقط لمشاريع اقتصادية كبرى لا يناقش جدواها ولا مردودها الاقتصادى والسياسى المجتمع ونخبته أمر لن يحقق التنمية والاستقرار السياسى.

إن الحالة الإقصائية التى تعيشها البلاد خطرة وتحتاج لمراجعة جذرية، فهناك حاجة ملحة لاحترام التنوع السياسى والاقتصادى فى البلاد وضرورة الاستماع للرؤى النقدية والإصلاحية ورجال العلم والكفاءات، وفتح قنوات ومسارات شرعية تضمن لهم التأثير داخل المجال العام، مثلما هو حادث لكل الهتيفة وقوافل التطبيل طالما التزموا جميعا بالدستور المدنى والدولة الوطنية والنظام الجمهورى ولم يحرضوا أو يمارسوا العنف.

إن المشهد الحالى يقول إن فى مصر قوى ليبرالية وثورية ومحافظة شاركت بدرجات مختلفة فى الحراك الشعبى الذى جرى فى البلاد منذ ثورة 25 يناير، وهذه القوى مطالبة بأن تتعايش مع بعضها حتى لو اختلفت برامجها وتوجهاتها، وهذا لن يتم إلا إذا تم «تطهير» الخطاب السياسى الحالى من المفردات التخوينية والتكفيرية الرائجة الآن.

وهنا تقع المسؤولية على الحكم الحالى الذى يجب أن يتدخل بصورة أكبر من أجل تنظيم المجال العام لا فرض قيود أمنية عليه، فمصر تحتاج إلى دولة قانون لا دولة فوق القانون، وإلى نظام حكم يؤسس بديلا، ومشروع سياسى يعى حجم الأخطار الداخلية والخارجية بالعلم والمعرفة لا بالهتافات والشعارات الرنانة، ولا يمكن لأى نظام جديد أن يؤسس شرعيته فقط على محاربة «أشرار العالم» دون أن ينجح فى بناء بديل ملهم لشعبه قائم على التنمية السياسية والاقتصادية، وإلا سيعود مرة أخرى أشرار الداخل والخارج لحكم البلاد.

لايزال القطاع الأكبر من المصريين ينتظر إصلاحا حقيقيا لمؤسسات الدولة بعد أن نجح فى عبور صعاب كثيرة، ويحتاج إلى دولة محمية بالعلم والمجتمع المنظم والمبادرات الأهلية والأحزاب السياسية لا بالصراخ والهتاف الذى يبنى قصورا من ورق لا مستقبلا راسخ الأركان.

نعم لقد حافظنا على دولتنا الوطنية بمؤسساتها الراسخة، وهو مسار فخر واعتزاز، ولكننا لن ننجح دون أن نصلحها بالجراحة لا المسكنات، وتلك مهمة لم تحققها 25 يناير ولا 30 يونيو

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم 30 يونيو ماذا بعد اليوم 30 يونيو ماذا بعد



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon