تناقضات مؤتمر المناخ

تناقضات مؤتمر المناخ

تناقضات مؤتمر المناخ

 لبنان اليوم -

تناقضات مؤتمر المناخ

بقلم - مكرم محمد أحمد

بدأت فى مدينة كاتوفيته البولندية فى قلب المنطقة المنبثقة لمناجم الفحم التى تشكل واحدة من أهم عوامل التلوث المناخى فى العالم، أعمال قمة الأمم المتحدة بشأن التغير المناخى التى يشارك فيها علماء المناخ من 200 دولة، يحذرون العالم من مخاطر استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكبنا «الأرض» ما بين ثلاث إلى خمس درجات مئوية بدلاً من الرقم المستهدف وهو درجتان فقط بحلول نهاية هذا القرن، الأمر الذى يعنى فشل جهود الانسانية فى تحقيق هدف مؤتمر الانبعاثات الكربونية التى تتمثل فى مليارات الأطنان من غاز ثانى أكسيد الكربون مصدرها نشاط الإنسان على الأرض لتبقى أبد الدهر عالقة فى الجو لا تضيع ولا تبدد محتبسة داخل الغلاف الجوى ترفع درجة حرارة الكون وتزيد تسخين الأرض، بما يعجل بذوبان جليد القطبين، خاصة القطب الشمالى وارتفاع مستويات البحار وغرق مساحات هائلة من شواطيء عالميا وتنامى ظاهرات الجفاف والفيضانات بما يؤثر على حياة 27% من سكان العالم معرضين لموجات الحر الشديد وخطر الجفاف الذى يؤثر على حياة أكثر من 60 مليون نسمة فى بقاع عديدة من كوكبنا الأرضي. وتعد قمة المناخ التى تنعقد فى بولندا الآن الأكثر أهمية فى قمم المناخ منذ اتفاق باريس الموقع 2015 والذى اتفق فيه الجميع ـ عدا الولايات المتحدة التى يئست من المعاهدة ـ على ضرورة خفض الإشعاعات الكربونية بنحو 4% من معدلها الحالى بحلول عام 2030 للحيلولة دون ارتفاع درجة حرارة الكون بأكثر من درجة ونصف، وذلك يعنى تقليل اعتماد العالم على الطاقة الحرارية التى تنتج من حرق الوقود الأحفوري، الفحم والغاز والبترول، واللجوء إلى مصدر الطاقة المتجددة المولدة من الشمس والرياح والطاقة النووية إذا نجح الإنسان فى رفع معدلات أمانها وتقليل الأخطاء البشرية فى عمليات التشغيل التى تتسبب فى هذه المخاطر. 

ويهدف مؤتمر المناخ الذى ينعقد سنويا فى دورته الـ24 إلى تأكيد التزام الدول بمقررات اتفاق باريس، وخفض الانبعاثات الكربونية بالنسب التى تم الاتفاق عليها خاصة أن 16 بلدا فقط من بين 196 دولة هى التى أوفت بالتزامها، ومع الأسف فإن معظم الدول الصناعية الكبرى التى كانت سببا فى التلوث المناخى هى التى خرقت التزاماتها، أما الولايات المتحدة على عهد الرئيس ترامب فرأت أن الحل الذى يعفيها من التزاماتها هو إنكار ظاهرة تغير المناخ ورفض الاعتراف بها رغم تحذيرات علماء المناخ. ويطرح عقد مؤتمر المناخ فى بولندا هذا العام جهود الدول الأوروبية للتخلص من مصادر الطاقة الملوثة وأخطرها الفحم والبترول، وفى مقدمة هذه الدول بولندا التى لاتزال تعتمد على الفحم بنسبة 80% لتلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، أضف إلى ذلك أن الوقت ينفد ولم يعد أمام البشرية فى جميع البلدان سوى أن ترفع سقف التزاماتها بعد أن أكد علماء المناخ أن الجهود الحالية المبذولة فى هذا الاتجاه غير كافية لتحقيق الهدف الحتمى الذى يتمثل فى حصر معدل ارتفاع درجات حرارة الكرة الارضية فى درجة ونصف أو درجتين على الأكثر، وأن الإبقاء على الوضع الراهن الذى يمكن أن يرفع درجة حرارة الأرض ما بين 3 و5 درجات يشكل خطورة بالغة على مستقبل البشرية تشهد الآن بداياتها بوضوح. ولأن خطر تغيرات المناخ أصبح حالاً حيث يؤكد العلماء أن ما يحدث الآن بالفعل أشد خطرا وأنهم لا يقولون كل ما يعرفون لكى لا تصاب البشرية بالاحباط، وأن جوهر المشكلة أن الفجوة تتسع بشكل غير مسبوق بين ما تقول الدول أنها تفعله وما تفعله بالفعل وما ينبغى أن تفعله كى يكون العالم أكثر أمناً، فضلا عن أن تقارير علماء المناخ تؤكد بصوت عال أن الوقت ينفد وأن أى زيادة طفيفة فى حرارة الكون تشكل أمراً خطيرا، وأن جزءاً من البشرية الأقل تقدماً الأكثر تأثراً بظاهرات المناخ يحصد نتائج ظاهرات تسببت فيها الدول الصناعية المتقدمة التى لاتزال ترفض تحمل تبعات سلوكها، وهى الأكثر خرقا لاتفاقية خفض الانبعاثات الكربونية التى تم الاتفاق عليها، فى اتفاق باريس عام 2015. وما يزيد من صعوبة الوضع الراهن انعدام ثقة الدول النامية، خاصة فى إفريقيا الأكثر تأثرا بظاهرات المناخ فى الدول الصناعية الكبرى التى تسببت فى المشكلة وتحاول الهرب من تبعاتها، لا تنفذ التزاماتها بضرورة خفض انبعاثاتها الكربونية، ولا تقوم بمسئولياتها لمعاونة الدول النامية خاصة فى إفريقيا الأكثر تأثرا على التكيف مع ظاهرات المناخ.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تناقضات مؤتمر المناخ تناقضات مؤتمر المناخ



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي

GMT 17:45 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكاظمي يؤكد العمل على حماية المتظاهرين بالدستور

GMT 08:32 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي علي نصائح للتعامل مع الطفل العنيد

GMT 11:05 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لرئيسهم العاشر بطولته في "قديم الكلام"!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon