لمصر والدستور والسيسي

لمصر والدستور والسيسي!

لمصر والدستور والسيسي!

 لبنان اليوم -

لمصر والدستور والسيسي

بقلم : مكرم محمد أحمد

قد لا يكون التاريخ مجرد سلسلة من المؤامرات هدفها كسر الإرادات الوطنية لحساب مصالح قوى خارجية تريد السيطرة والهيمنة وفرض مناطق النفوذ،لكن التاريخ لايخلو من عمليات تآمر واسعة تستهدف بلادا بعينها ومواقع بعينها، تستنزف قدراتها وتحاصر نجاحاتها كى يتكرس الاحباط فى الداخل، وبالطبع فإن الهدف الاول للخطة هو الارباك والتشكيك فى قدرة الارادة الوطنية على تحقيق أهدافها، وافساح المجال امام دعاة الحل الثالث يدسون انوفهم تحت شعارات المصالحة والوحدة الوطنية واستثمار القدرات المتاحة..، لكنهم يرفعون هذه المرة شعارات جديدة تستهدف الرمزوالعلم، تحاول ان تسقطه من عليائه بحجة ان الامور سوف تصبح أكثر سلاسة وطوعا فى غيابه!.

وإذا لم يكن ما اعلنته مجلة (الايكونومست) فى عددها الاخير هو المؤامرة ذاتها بأوصافها الكاملة التى تستهدف مصر موقعا ومكانة وتاريخا، وتحاول هز ثوابتها الوطنية رغما عن الدستور والقانون والاعراف الدولية، وتدس أنفها فى اخطر وأخص مايهم مصر، تقترح ألا يجدد الرئيس السيسى فترة حكمه الثانية بخشونة بالغة تفتقد اللياقة والحصافة والمهنية خروجا على كل تقاليد مهنة الكتابة وأعرافها!، إذا لم تكن تلك هى المؤامرة فهل يمكن ان تكون هناك مؤامرة أخرى اشد خطرا من هذه المؤامرة التى تعتدى على إرادة الشعب ودستوره ورئيسه وتمتهن كل ذلك بوقاحة بالغة!.

ومع الاسف يجىء رد الفعل الداخلي، أما مجرد عملية ردح تخلو من اعتبارات الحجة و المنطق، او متلعثما مترددا خائر القوة يساير خطوط المؤامرة ويقترح اسماء بديلة، ويذهب فى امتداحه لمؤامرة (الايكونومست) إلى حد وصف ما فعلته الجريدة بالرصانة والحرفية، رغم انه حتى فى حالات الحرب لم يحدث ان تدخلت صحيفة فى شئون دولة أخرى لتعطى تقييما نهائيا بالفشل لحكم رئيس أمضى عامين فقط فى فترة حكمه الاولى ،وبقى له عامان يمكن ان ينجز خلالهما الكثير، لكن(الايكونومست) الرصينة التى تحافظ على احترامها ومهنيتها تعجلت النتائج قبل عامين من نهاية فترة حكم الرئيس السيسى الاولي، لتصدر حكما راسخا بالفشل بدعوى ان الازمة الاقتصادية التى تمر بها مصر سوف تزداد صعوبة وقسوة فى ظل قيادة السيسي!، وان الاقتصاد الوطنى يفتقد موارد النقد الاجنبى بسبب ركود السياحة ولأن دول الخليج ماعاد فى وسعها ان تقدم المزيد لمصر فى ظل الانخفاض الضخم فى اسعار البترول من مائة دولار للبرميل إلى مايجاوز 30دولارا بقليل، والان لم يعد امام مصر بديل آخر سوى ان تذهب إلى صندوق النقد الدولى من اجل قرض مشروط قيمته 12 مليار دولار فى الاغلب لن ينجح فى حل المشكلة المصرية!.

هذه الاسباب التى اوردتها (الايكونومست) فى ملفها المعنون »تخريب مصر« الذى يفقتد الحد الادنى من الصدق، ويتجاهل الاسباب الحقيقية والموضوعية التى ادت إلى ازمة مصر الاقتصادية، ويحمل الرئيس السيسى وحده المسئولية فى اطار حيثيات تمتلىء بالكذب والخداع، وتنتهى بأن الافضل لمصر وللرئيس السيسى ولمستقبل المنطقة ان يكتفى الرئيس بفترة حكم واحدة!!.

لم تقل (الايكونومست) ان الاقتصاد المصرى قبل هبة يناير كان يحقق معدلات نمو جاوزت 7.4%، وان استمرار هذه المعدلات لعدة سنوات قليلة كان كفيلا بان ينقل مصر إلى قائمة الدول متوسطة الدخل، ولم تقل ايضا ان احتياطات النقد الاجنبى التى تأسف (الايكونومست) على ضياعها كانت قد جاوزت 25 مليار دولار، لكن سنوات الفوضى الاربعة التى جاءت مع هبة يناير، وخطط الفوضى البناءة التى أعتمدتها واشنطن تحت اسم الربيع العربي، واصابع التدخل الخارجى التى يوثق جرائمها اعترافات ابطال الحادث وأولهم الرئيس الامريكى ووزيرة خارجيته كلينتون ورئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون، كما توثقها شهادات خصومهم واولهم الرئيس الروسى بوتين الذى اتهم الادارة الامريكية علنا بأنها وراء عمليات الفوضى التى صاحبت هبة يناير بهدف اجهاض الوضع فى مصر لان الرئيس الامريكى اوباما متعاونا مع البريطانيين كان يخطط لمرحلة جديدة من حكم الشرق الاوسط، تضطلع فيها جماعة الاخوان المسلمين بنصيب الاسد فى حكم المنطقة، بما يمكن الادارة الامريكية من تسوية النزاع الفلسطينى الاسرائيلى على حساب الارض المصرية فى سيناء!، طبقا لشهادات عديدة موثقة آخرها شهادة الرئيس الفلسطينى ابومازن الذى حدد حجم المساحة التى سوف يتم استلابها من أرض سيناء بأكثر من 1500كيلو متر مربع، هى المسافة بين العريش ورفح التى تمثل ساحة عمل ونشاط جماعة أنصار بيت المقدس الارهابية التى لا تعدو ان تكون طليعة متقدمة لداعش!؟.

لم تذكر (الايكونومست) ايا من هذه الاسباب التى أدت إلى تعقيد الازمة الاقتصادية فى مصر، وحملت السيسى وحده المسئولية بدعوى ان السيسى اختار وقتا غير ملائم لتنفيذ مشروع ازدواج قناة السويس بسبب ركود التجارة الدولية، الامر الذى أدى إلى تأخير ثمار المشروع الذى انفق عليه ما يربو على 80مليار جنيه لكنه لم يحقق العائد المطلوب بسبب ركود التجارة الدولية!، مع أن الايكونومست الرصينة تعرف جيدا أن كل المؤشرات العالمية تؤكد الآن ان التجارة الدولية سوف تنتعش من جديد ابتداء من عام 2018، واذا كانت زيادة العوائد بسبب التوسيع سوف تتأخر إلى ما بعد عام 2018 وانتعاش التجارة الدولية،فالامر الذى لاشك فيه ان مشروع توسيع القناة تحت اى مقياس عالمى او محلى اقتصادى او سياسى ليس مشروعا خاسرا،ومن المؤكد ان عوائده سوف تغطى جميع تكاليفه وتزيد، لأن طريق قناة السويس لا يزال الارخص والاقل كلفة بين طرق التجارة الدولية التى تربط بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وليس هناك ما يشير إلى ان المجرى الملاحى لقناة السويس يتعرض لمنافسة ذات بال خاصة ان هيئة القناة بمرونتها الذكية فى تحديد رسوم المرور تضع نصب عينها ضرورة ان تكون قناة السويس هى الاقل كلفة بين كل الخيارات التى تربط بين الشمال والجنوب.

والمدهش ان تستخف (الايكونومست) بعقول المصريين لتؤكد ان مشروع القناة لم يكن يستحق كل هذه العجلة والانفاق واختصار مدة التنفيذ رغم علمها الاكيد بأن مشروع القناة ليس بالفعل مجرد توسيع ممر ملاحى تعبره السفن، هذا جانب مهم من المشروع لكن الاهمية الكبرى أن المشروع ينطوى على استراتيجية واضحة لتنمية مستدامة تستثمر موقع قناة السويس ووظيفتها فى التجارة الدولية من اجل انشاء منطقة اقتصادية تضم مواقع لوجستية وصناعات اساسية تحسن استثمار هذا الموقع العبقرى الذى يشكل (صرة) العالم وملتقى طرق تجارته الدولية.

ومع الاسف تجاهلت(الايكونومست)الرصينة حقائق ومعلومات واضحة وضوح شمس النهار تؤكد ان منطقة عين السخنة التى تمثل واحدة من المناطق الاساسية الثلاث فى مشروع محور القناة تشغى الآن بحجم ضخم من الانجازات ينطوى على عدد من الصناعات الثقيلة بينها اكبر مصنع للبتروكيماويات فى العالم وعدد من مصانع اللوريات والخرسانة سابقة التجهيز،و مصانع للحديد والصلب ومعمل ضخم لتكرير البترول، وسواء فى المنطقة الصينية اوالمنطقة المصرية تؤكد كل الدلائل ان عام 2018 سوف يكون نقطة انطلاق لمنطقة عين السخنة، ترفع حجم الناتج الوطنى الاجمالى بأكثر من مائة مليار جنيه، كما تجاهلت (الايكونومست) الجزء الثانى من مشروع محور القناة المتمثل فى الميناء الضخم للحاويات شرق بورسعيد الذى سوف يزدهر عام 2020 ليصبح درة تلمع فى سماء شرق المتوسط خاصة ان عملية ترويج مشروعاته عالميا تمضى على قدم وساق.

وبالطبع لم تنتبه(الايكونومست) الرصينة لاضخم مشروع اسكان اقتصادى فى العالم يتجاوز عدد وحداته مليون وحدة، تنتشر أحياؤه الجميلة فى كثير من مواقع مصر، تنمو وتكبر بكفاءة مذهلة يشجعها طلب حقيقى من فئات الشعب متوسطة الدخل،تسعى إلى تحسين جودة حياتها، لم تنتبه الايكونومست لهذا الانجاز لانه لا يهمها فى قليل او كثير، ولم تنتبه ايضا لهذا المشروع الانسانى الرائد (اعلان مصر خالية من فيروس «سى» فى غضون اعوام محدودة مع التزام الدولة بعلاج غير القادرين مهما تكن التكلفة والاعداد)، ولم يشغل بال (الايكونومست) ايضا حجم الانجاز الضخم فى مجال الكهرباء بعد ان تمكنت مصر فى غضون اقل من عام من ان تغطى النقص الفادح فى موارد الطاقة من خلال برنامج عاجل تكلف مليارات الدولارات وأثمر نتائج باهرةغطت احتياجات مصر من الطاقة لسنوات قادمة ووفرت للمستثمرين الجدد ما يحتاجونه من طاقة لتشغيل مشروعاتهم الجديدة.

ولايعنى ذلك ان المصريين راضون بنسبة 100% عن حكم السيسى الذى تناقصت شعبيته أخيرا بنسبة 18%طبقا لاستقصاء منظمة بصيرة بسبب غلاء الاسعار وافتقاد حكومته الراهنة الحسم وسرعة القرار فضلا عن عجزها عن مواجهة مشكلات النظافة ومخالفات البناء وتدنى الخدمات الصحية والتعليمية وتفشى التسيب والاهمال، وكلها امراض تركة ثقيلة يواجها السيسى بشجاعة محاولا ايجاد حلول لها فى برامج تخضع لاولويات صارمة،لكن (الايكونومست) الرصينة تتجاهل كل هذه الانجازات لتحكم بالفشل على فترة حكم الرئيس التى لم يمضى منها سوى عامين، وتطالبه استنادا إلى هذا الحكم الجائر بان يكتفى بفترة حكم واحدة متجاهلة ان فى مصر دستورا ينبغى احترامه وشعبا يتحتم الانصياع لارادته الحرة، وثورتين متلاحقتين فى غضون ثلاثة اعوام، فى إحداهما خرج اكثر من 30مليون مصرى إلى الشوارع فى تظاهرة عالمية غير مسبوقة يطالبون باسقاط حكم المرشد والجماعة، تؤكد ان المصريين قادرون على تصحيح مسارهم الوطنى متى احسوا ضرورة هذه التصحيح.

ويبقى السؤال المهم: ما الذى تستهدفه على وجه التحديد مؤامرة (الايكونومست)؟! والاجابة ببساطة ووضوح، الابقاء على مطلب عودة جماعة الاخوان المسلمين للمشاركة فى حكم مصر حيا مستمرا يتجدد بين الحين والاخر، وأظن ان العالم يعرف اجمع الدور الذى لعبته الادارة الامريكية من اجل تسليم حكم مصر لجماعة الاخوان ويعرف ايضا الدور المهم الذى لعبته بريطانيا فى عهد رئيس وزرائها السابق ديفيد كاميرون إلى حد ان بريطانيا أصبحت هى الام الحاضنة لجماعة الاخوان، لاتزال تمنحهم الملاذ الآمن والحماية القانونية، واذا كان الامريكيون قد قبلوا الامر الواقع على مضض واضطروا للتعامل مع مصر السيسى لصعوبة الاستغناء عن دورها وخطورة ان يفلت هذه الموقع الحيوى من ايديهم، لكن اعترافهم بالامر الواقع لا ينفى احساسهم بالهزيمة المرة لسقوط مخطط ضخم امضوا فى إعداده عقودا طويلة وكانوا على ثقة بأنه سوف ينجح،وهذا هو ايضا موقف بريطانيا التى كانت اول من سارع بإعلان سقوط الطائرة الروسية بعمل تخريبى فوق سيناء قبل ان يتم فتح اى تحقيق!، وهرعت إلى منع افواج السياحة البريطانية من الوصول إلى مصر وألزمت الرئيس الروسى بوتين ان يتخذ قرارات مماثلة، بما يؤكد أن الخطة لا تزال قائمة رغم فشل تطبيقها،تنتظر وجود فرصة أخرى لتمرير المؤامرة من جديد!، لكن إرادة المصريين تقف لهؤلاء جميعا بالمرصاد،ولن يكون فى وسع اى قوة فى العالم ان تختصر فترة حكم السيسى رغما عن إرادة الشعب المصري.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمصر والدستور والسيسي لمصر والدستور والسيسي



GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon