بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
الشعوب والأمم والدول، مثل الأفراد تماما... قد تتحكم الأقدار والظروف فى حياتها بأكثر مما تريد هى وتشتهى، تنطبق هذه الحقيقة على الأكراد بشكل واضح ومدهش! هل لدى الأكراد هوية قومية مميزة؟ الإجابة هى نعم بالقطع، فالمعايير العلمية المتعارف عليها للقومية فى العصر الحديث، والتى تقوم بالأساس على اللغة المشتركة والتاريخ المشترك، بما تنتجه من توحد فى العادات والتقاليد والأعراف... تنطبق على الأكراد، ولكنها لم تترجم فى دولة قومية كما عرفها العصر الحديث، مثلما نجد فى ألمانيا وإيطاليا ومصر... إلخ، ولم يجد الأكراد مكانا لهم فى تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى واتفاقيات سايكس بيكو... إلخ فإقليم كردستان موزع بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، وتختلف الدول الأربع فى الاعتراف بهويتهم المستقلة داخل حدودها، خاصة تركيا التى تتعامل بحدة شديدة معهم، وهو ما تبدى مثلا فى تعاملها مع زعيم الأكراد فى تركيا عبد الله أوجلان الذى اعتقل وحوكم بتهمة الخيانة العظمى، وصدر حكم بإعدامه، ولكنه يقضى حاليا فترة سجن مدى الحياة بعد إلغاء عقوبة الإعدام. غير أن أكراد العراق الذين يشكلون 15% من السكان هناك، اتجهوا ــ لأسباب سياسية داخلية، ولضعف السلطة المركزية النسبى ــ لإجراء استفتاء فى إقليمهم، على الاستقلال، حيث وافق على ذلك 93% من سكان الإقليم. إن من الصعب تصور تنفيذ ذلك الاستقلال، ليس فقط لرفض الحكومة العراقية له، وإنما أيضا لرفض تركيا وإيران، لما ينطوى عليه من تهديد بفصل أقاليمهم الكردية. إن الاستفتاء يبدو فى الحقيقة كصرخة احتجاج كردية ضد السلطة المركزية فى بغداد ينبغى الإنصات لها. يبقى التذكير بحقيقة الدور الكردى فى التاريخ العربى والثقافة العربية، بدءا من صلاح الدين الأيوبى، وحتى أمير شعراء العربية أحمد شوقى، وغيرهما من أعلام كثر يضيق المقام هنا عن ذكرهم!