بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
استخدم سعد زغلول زعيم الوفد هذه العبارة فى خطاب له عام 1919 «الدين لله والوطن للجميع»، وأضحت بعد ذلك أحد المبادئ المستقرة لحزب الوفد. وقد كنت أظن أن سعدا هو أول من قالها، ولكنى عرفت بعد ذلك أن لها تاريخا يسبق ذلك.
ووفقا لمقال مهم لكاتب سورى - أمريكى بارز هو د. عماد بوظو (الحرة 11/6/2018) فإن الأديب المصرى الكبير مصطفى صادق الرافعى ذكر تلك العبارة ضمن خطاب ألقاه عام 1916 فى حفل خيرى بحضور شيخ الأزهر والمفتى (وهو ما ذكره الأستاذ وجيه وهبة فى أحد مقالاته).
كما أن صحيفة نفير سوريا التى أصدرها بطرس البستانى رائد الوطنية العربية السورية عام 1860 كان شعارها «الدين لله والوطن للجميع».
وأن تلك العبارة كانت ايضا الشعار الذى رفعه سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسى عام 1925..أى أن تلك العبارة كانت شائعة فى المشرق العربى فى مواجهة الحكم العثمانى، ثم الاحتلال الفرنسى.
وكان منطقيا أن يؤدى استخدام سعد زغلول ثم حزب الوفد لتلك العبارة إلى أعطائها زخما قويا فى مصر.
غير أنه كان من البدهى أن تلقى تلك العبارة هجوما شديدا، ليس فقط من القوى التى تتوسل بالدين لتحقيق أهدافها السياسية وفى مقدمتها بالطبع الإخوان المسلمين، وإنما أيضا من بعض رجال الدين المعتدلين الذين يرون فيها دعوة لتهميش الدين، وإعلاء الوطنية والمواطنة عليه.
والمدهش أن هؤلاء لا يدركون ما ينطوى عليه هذا المبدأ ايضا من مغزى وأهمية لملايين المسلمين الذين يعيشون فى بلدان غير ذات أغلبية مسلمة مثل مسلمى الهند - حوالى 200 مليون - ومسلمى الصين أو روسيا أو غيرهم من المسلمين الذين يعيشون فى كل بلاد العالم. وعلى أى حال، وبغض النظر عن تلك التفاصيل يظل مبدأ «الدين لله والوطن للجميع»، أحد أهم مبادئ الوفد، التى شكلت مكسبا غاليا لمصر والمصريين.