بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أستأذن القارئ الكريم فى التوقف مؤقتا عن سلسلة الكلمات التى بدأتها تحت عنوان (لماذا لا نتقدم) لأشارك أبناء شعبنا فى مصابهم الأليم إثر الحادثين الإرهابيين يوم الأحد الماضى، اللذين استهدفا كنيستى مارجرجس فى طنطا، والمرقسية بالإسكندرية، وخلفا حتى الآن نحو 47 شهيدا و126 جريحا وفق آخر التقديرات.ولدى هنا بضع ملاحظات بحكم دراستى للظاهرة الإرهابية على مر التاريخ.
أولا، ان الإرهاب كشكل للعنف السياسى يستحيل مواجهته أو التنبؤ به على نحو كامل.قطعا، يمكن أن يكون هناك تقصير فى بعض الحالات (وهو ما يفسر إقصاء مدير أمن الغربية بعد الحادث) ولكن تظل القاعدة التى تؤكدها الخبرة فى العالم كله مثلما رأينا فى العقود الأخيرة فى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وأخيرا السويد هى استحالة التنبؤ به لأنه ببساطة عنف عشوائى لا يستهدف قتل شخص بعينه، ولكنه يصيب كل من يقوده قدره للوجود لحظة وقوعه.
ثانيا، أن الاستراتيجية الأكثر نجاحا فى تقليل احتمالات الإرهاب هى تجفيف ينابيعه البشرية والمادية، فالإرهاب يترجم حالة ثقافية فى ذهن من يرتكبه، تنبهنا إلى قضية تطوير الخطاب الدينى التى لم نتحرك فيها قيد أنملة.
كما يتعلق تجفيف منابع الإرهاب بالبيئة التى يعيش فيها الإرهابى، و كذلك الأدوات التى تسهله ماديا.
وهنا يثور أكثر من تساؤل حول البشر الذين يعيش بينهم الإرهابى ومدى وعيهم بسلوكه ونواياه. كما يثور التساؤل عن المواد التى تستخدم فى تصنيع المواد المتفجرة وإمكانية الرقابة على إنتاجها و تداولها، وهى مسألة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة.
هذه بعض الأفكار الأولية والبسيطة التى هى بالقطع معروفة كأمور بديهية لدى أجهزة الشرطة، و لكن من المهم تنبه المواطنين لها. وكما قال ماوتسى تونج مؤسس الصين الحديثة، وأكبر منظرى الإرهاب، فإن الوسط الذى يعيش فيه الإرهابى هو بمنزلة الماء الذى يعيش فيه السمك، و لكى نمسك بالسمك لابد من تجفيف الماء.
المصدر : صحيفة الأهرام