صلاح منتصر
أهم ثمار انتخابات المرحلة الأولى للبرلمان أن نتائجها كانت صادقة لم تعرف التزوير أو التجميل خاصة بالنسبة لعدد الحاضرين، وهو ما لم نتعود عليه فى انتخابات البرلمان. أذكر وقد كنت حريصا على ممارسة حقى الانتخابى فى مختلف الانتخابات السابقة أننى لم أكن ألتقى فى اللجنة التى كنت مقيدا فيها من قبل فى شارع هارون بالدقى أحدا من الناخبين، وإنما كنت أدخل اللجنة فأجدها خالية إلا من بضعة موظفين، ومع ذلك لم يحدث أن جرى إعلان نتيجة الانتخابات إلا وقرأت عن مئات الآلاف الذين أدلوا بأصواتهم. ولو أتيح يوما لهؤلاء الموظفين الذين كانوا يشرفون على الانتخابات أن يشربوا مسحوق الصدق والشجاعة الذى تخيله المبدع يوسف السباعى فى روايته الرائعة «أرض النفاق» لحكوا لنا عن استدعاء المتوفين والمرضى والمسافرين فى الساعات الأخيرة قبل غلق اللجان، وغيرها من الوسائل التى كان أخفها دما ما حكى عنه الأديب الكبير توفيق الحكيم وهو وكيل نيابة فى بداية عمله، وقد حمل صندوق تصويت اللجنة التى كان يشرف عليها فى إحدى القرى ووضعه بجانبه في سيارة الأجرة متجها الى اللجنة العامة ليفاجأ فور وصوله بأنهم أعلنوا نتيجة لجنته، بينما الصندوق معه لم تفرز بعد أصواته، وأصبح المأزق الذى يواجهه كيف يتخلص من هذا الصندوق الجثة!
نتائج الانتخابات الأخيرة الصادقة وذكرها حقيقة الأصوات الحاضرة أهم نتيجة فى رأيى يمكن أن نخرج بها، ولعلها تزيل الاعتقاد الذى ترسخ فى نفوس الملايين بعدم أهمية أصواتهم على أساس أن هناك من يرتب كل شىء، سواء شاركوا أم لم يشاركوا. لكن الذى أتمناه أن تكون هذه النتائج الصادقة بداية لأن نصدق فى مجالات أخرى كثيرة سواء مع أنفسنا أو مع الآخرين، فلا يرى الرئيس فى موقع زاره صورة خادعة رتبها مسئول الموقع لترضى الرئيس، ولا يجلس مرءوس أمام رئيسه ليؤمن برأسه أو بكلمات ينطقها على كل ما يقوله رئيسه. كم حضروا وكم غابوا فى الانتخابات لا يهم.. الأهم أن نكون صادقين!