صلاح منتصر
حضرة صاحب العزة ناظر المدرسة . بعد الاحترام . أرجو التصريح لي بإعطاء ثلاثة دروس خاصة في مادة الرياضة إلي انور طاهر الطالب بالسنة الثانية فصل خامس ، وهو ليس من تلامذتي . ومحل اعطاء الدروس بالمدرسة . ومرفق مع هذا طلب من ولي امر الطالب بذلك واستمارة رقم 4 خاصة بطلب ترخيص بمباشرة أعمال خارجة عن حدود الوظيفة ولكم الشكر.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام . مواعيد إعطاء الدروس أيام السبت والاثنين عقب الحصة السادسة من الساعة الرابعة الي الخامسة ويوم الخميس عقب الحصة الخامسة من الساعة 1.30 الي 2.30 .
امضاء يوسف ادوار :
المدرس بالمدرسة
هذا هو نص الخطاب الذي أرسله الأستاذ يوسف إدوار إلي ناظر المدرسة السعيدية الثانوية بتاريخ 6 أبريل 1931 وقد بعث لي «الأستاذ هشام الزماتي» صورة منه نشرتها علي بوابة الأهرام ليستطيع القارئ التعرف علي العصر الذي تعلم فيه عمالقة الأدب والفكر والفن من الحكيم إلي محفوظ وسلامة موسي وزكي نجيب محمود ويوسف إدريس..وغيرهم كثيرون .
وإلي الذين يريدون معرفة كيف كان التعليم قديما مقارنة بما هو اليوم تأمل هذا الخطاب والقيم التي كان يعمل بها مدرسونا ، وكيف عندما طلب تلميذ من مدرس في فصل اخر اعطاءه ثلاث حصص تقوية في الرياضة ، تقدم والده بطلب مكتوب ، وكتب المدرس الي ناظر المدرسة يستأذنه شارحا كل ظروف الطلب : اسم التلميذ وعدد الحصص التي سيعطيها له ومواعيدها وأنها في اوقات خارج مواعيد الدراسة في المدرسة ،بما يؤكد أن المدرس لا يعتدي علي وقت يعد ملكا لوزارة المعارف ، وغير ذلك ارفاق استمارة رقم 4 لا اعرف أين مصيرها اليوم .
لم تكن الدروس يومها فوضي وورشا مفتوحة في بيوت المدرسين او شققا مستأجرة لهذا الغرض ، ولم يكن هناك أصلا العدد الكبير الذي يتزاحم اليوم علي الدروس الخصوصية . وكان الهدف من الدرس الخصوصي تقوية الطالب في مادة أو اثنتين ، أما دروس اليوم فآخر ماتفكر فيه تقوية التلاميذ وإنما عبور الإمتحانات . ولذلك كان التعليم قديما من أجل الأصول ، واليوم بمدارسه ومدرسيه ودروسه الخصوصية ، من أجل القشور ! .