صلاح منتصر
كان أمس الأول بالنسبة لي يوما خاصا مع الذكريات.. فقد فاجأتني لجنة جوائز مصطفي وعلي أمين بمنحي «جائزة شخصية العام الصحفية» بعد مشوار أكثر من 60 سنة بدأته في أخبار اليوم عام 1953 ثم الأهرام 58 فدار المعارف وأكتوبر 85 والأهرام كاتبا منذ 94.
وقد كان من حظي أن عشت زمانا شهد عمالقة الفن والصحافة والفكر والأدب الذين ولدوا ونموا في النصف الأول من القرن الماضي وأعطوا ثمارهم ورحيقهم في الستينيات وما بعدها، إلي جانب علامات خاصة في حياتي لا أنساها.
فلا أنسي الراحل إبراهيم الورداني أول كاتب سحرني بأسلوبه القصصي وجعلني أقرر في لحظة أن رفعت فيها رأسي بعد قراءة روايته «ليالي القاهرة» أن أكون كاتبا.
ولا أنسي صدفة لقاء الزميل العزيز محمد وجدي قنديل في حقوق عين شمس وتعلقي به عندما عرفت أنه في أخبار اليوم، ولم أتركه إلا بعد أن اصطحبني معه ـ وكان يوم الأربعاء 24 ديسمبر 1952 ـ فاتحة مشواري الصحفي في الدار التي كنت أسير في طرقاتها وأنا أتلمس جدرانها غير مصدق.
ولا أنسي اسماعيل الحبروك رحمه الله أول رئيس تحرير عملت معه في مجلة كانت تصدرها أخبار اليوم اسمها «الجيل الجديد» ولولا أنها أغلقت قبل تأميم الصحافة لظلت تصدر حتي اليوم.
ولا أنسي لقائي الأول مع العملاق مصطفي أمين وتكليفي بموضوع غامض دون أن أعرف أنه كان يمتحنني، مما جعلني بعد نجاحي أحصل منه علي بطاقة عملي محررا في أخبار اليوم بتوقيعه عام 53 مازلت محتفظا بها.
ولا أنسي 21 سنة أمضيتها مع استاذي محمد حسنين هيكل من آخر ساعة إلي الأهرام وقد تعلمت منه الكثير حتي السيجار قبل أن أتحرر منه.
يقال إن الجوائز خاصة في سن متقدمة تطيل العمر، وهو ما يجعلني أشكر لجنة الجائزة وأخص الزميل ياسر رزق، والابنة البارة صفية مصطفي أمين، فمن يدري، قد تكون إرادة الله إطالة عمر أسعد به مع رفيقة حياتي، وقد كان لها الفضل الأكبر في تحمل متاعبي وإدخالي عالم الكمبيوتر الذي جعل للحياة طعما مختلفا.