صلاح منتصر
لم أنس أبدا فضله ، فقد التقينا ونحن طلبة فى حقوق عين شمس وتعلقت به عندما ذكر لى أنه يتدرب فى آخر ساعة . وفى يوم الأربعاء الأخير من شهر ديسمبر 52 صحبنى محمد وجدى قنديل معه الى آخرساعة لأجد نفسى فى دار صحفية حقيقية ولها كتاب ومحررون ومطابع بعد أن أمضيت خمس سنوات أحول فيها ورق الكراريس الى صحف أكتبها ولا يقرؤها أحد لكنها علمتنى الصحافة التى عشقتها. ولن أطيل ففى هذا اليوم وعلى غير موعد أصبحت صحفيا، وتزاملت مع وجدى فى آخر ساعة الى درجة شبهنا انفسنا بالتوأم على ومصطفى أمين. وكان يقول لى إذا كتبت موضوعا ولم أكمله أرجو أن تكمله أنت وكذلك كنت اقول له.
وفى آخر ساعة كانت سنوات الابتدائى فى مدرسة الصحافة التى كان أستاذها محمد حسنين هيكل، وقد اعتبرنا ـ وجدى وانا ـ أول تلاميذه. وفى أول تحقيق حلمت بوضع اسمى عليه كان وجدى قد سافر الى غزة وأجرى تحقيقا رائعا عن المعاناة التى يعيشها اللاجئون فى المخيمات. وفتح الأستاذ هيكل شباك غرفته التى تطل على مكاتبنا فى صالة التحرير وقال لى: صلاح. عندك مانع وجدى يمضى موضوعه وتؤجل امضاءك لعدد قادم لأن مايصحش يظهر اسمين جداد فى عدد واحد لأول مرة ؟ وبلا تردد قلت: بالطبع يا استاذ هيكل . وهكذا ظهر اسم وجدى قنديل لأول مرة فى آخر ساعة ، وبعد أسبوعين وقعت بدورى أول موضوع لى .
ولم يحدث أن افترقنا طوال ست سنوات انضم الينا فيها عدد جديد من الزملاء والزميلات، صلاح جلال وجميل عارف وفتحية بهيج ومصطفى نجيب رحمهم الله جميعا . وذهبت أنا إلى الأهرام وظل وجدى فى آخر ساعة التى أصبح بعد ذلك رئيس تحريرها عن استحقاق ، أما أنا فقد ذهبت من الاهرام الى دار المعارف ومجلة اكتوبر. وتلاقينا لقاء الرؤساء ..رؤساء التحرير ، وانتهت مهمة كل منا فى موقعه لكن لم نترك القلم .. ظل وجدى ممسكا به الى آخر أيامه ، ومازال قلمى فى يدى فى انتظار لقاء زملاء عصر مضى ومضوا وسأمضى معهم .