إطلاق سراح الخيال

إطلاق سراح الخيال

إطلاق سراح الخيال

 لبنان اليوم -

إطلاق سراح الخيال

د. وحيد عبدالمجيد

تباينت كالمعتاد ردود الفعل على ما كتبتُه فى «اجتهادات» 23 مايو الماضى عن فلسفة تقييم العمل الإبداعى سواء الأدبى أو الفنى أو غيره عندما يثير جدلاً بشأن الأديان، أو يتصور البعض أن فيه مساساً بمقدسات دينية. ومن أهم مقومات هذه الفلسفة، وما يقترن بها من معايير لتقييم العمل الإبداعى، عدم وضع قيود على خيال المبدع. فتقييد الخيال يعنى قتل الإبداع بمعناه الواسع الذى يشمل الابتكار فى مختلف المجالات، بما فى ذلك الاختراع العلمى والتكنولوجى الذى بات هو الركيزة الأولى لأى تقدم اقتصادى فى هذا العصر.

غير أن الأمر لا يفهم على هذا النحو فى كل الأحوال0 وفى مجتمع محافظ، من الطبيعى أن يقل الميل إلى فتح الأبواب أمام تحرير العقل فى قضايا حسمها معظم العالم منذ زمن مثل المساواة بين الرجل والمرأة، وليس فقط أمام تحرير الخيال وإطلاقه من الأسر، حتى إذا كان هذا هو السبيل الوحيد إلى الخروج من أزمة خانقة ناتجة عن تراكم المشكلات والاختلالات على مدى عقود. وعندما يتردى نظام التعليم، ويصبح عائقاً أمام العلم والعقل، يزداد الميل المحافظ فى المجتمع، ويقل الاستعداد للخروج من الصندوق الذى أكله الصدأ، وأكلنا معه. فما أشده الأثر الفادح لنظام تعليم يؤدى إلى عكس المستهدف منه. فعندما يسهم التعليم فى تفتيح العقل وحفزه على أداء وظيفته فى التفكير، سينطلق تلقائياً نحو الإبداع بدءاً بأولى مراحله وأبسطها على الإطلاق، وهو طرح أسئلة جديدة تدفع إلى البحث عن إجابات. وفى هذه العملية نوع من الخيال، الذى يبلغ أعلى مستوياته فى الإبداع والابتكار والاختراع.

غير أن أهم ما يثار فى سياق مناقشة مسألة الأديان والخيال سؤال ذكى بالفعل هو: إذا سلمنا بوجود فرق أساسى بين كتابة تاريخ (تاريخ الأديان فى هذه الحالة) وكتابة إبداعية تعتمد على الخيال، فكيف نتعامل مع عمل قد يمزج بين هذه وتلك إذا وُجد؟

والحال أن تقييم هذا العمل يتوقف على مضمونه، وتحديداً على ما إذا كان المزج بين التاريخ والخيال طبيعياً فى سياق العمل ولا يخرجه من دائرة التخيل، أم أنه مقصود للتحايل بهدف الإساءة إلى عقيدة دينية. فإذا كان التحايل واضحاً، تنتفى علاقة العمل بالإبداع ويجوز اتخاذ إجراء قانونى ضده. ولكن الأمر ليس سهلاً فى كل الحالات، كما حدث عند نشر رواية «كود دافنشى» المشهورة عام 2003، والتى اتهمها البعض بالإساءة إلى العقيدة المسيحية، بينما لم يرها آخرون كذلك, بسبب براعة المزج بين الخيال والتاريخ فيها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إطلاق سراح الخيال إطلاق سراح الخيال



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon