العمامة المنيرة

العمامة المنيرة

العمامة المنيرة

 لبنان اليوم -

العمامة المنيرة

د.وحيد عبد المجيد

قليل هم أصحاب العمائم المستنيرون فى زمن التطرف والتعصب والتشنج والعنف. هذا زمن عربى للحناجر التى تدعى احتكار الوطنية والسيوف التى تذبح باسم الدين. ومن لا يذبح بالسيف، يقتل بالخطب والفتاوى "والدروس"، أو بالتحريض والحض على الكراهية والإقصاء ورفض الآخر.


ولذلك سيترك رحيل السيد هانى فحص أحد أبرز أصحاب العمائم السوداء استنارة فراغاً فى لحظة الارتداد إلى عصر الحروب المذهبية السُنية – الشيعية. كان فحص هو أهم رجال الدين الشيعة الذين حفروا فى الصخر للمحافظة على طاقة نور وسط الظلام الذى يزحف علينا.

قضى حياته باحثاً عن التعايش والتسامح والحرية والعدل، ساعياً إلى حوار بين الفرقاء من كل لون. ونشر النور وسط الظلام بمقدار ما استطاع بثقافته الموسوعية وأفقه الرحب وقلبه المفتوح للجميع.

وإذا أردنا أن نلخص سيرة هانى فحص فى عبارتين لقلنا إنه صاحب القلب الذى يسع الجميع، والعقل الذى ينير للجميع. ولذلك نجد القلب عنواناً لاثنين من كتبه هما "خطاب القلب" و"تفاصيل قلب".

كان قلبه الذى لم يكره أبداً توءما لعقله الذى لم يكف عن نشر النور على كل صعيد، وخاصة فى مجال الفكر الدينى الاجتماعي. فقد جمع، وهو الشيعى ابن النبطية فى جنوب لبنان، فى فكره أفضل ما فى قُم والنجف، وأجمل ما فى الإشراقات الصوفية، وأقوى ما فى تراث المعتزلة، جنباً إلى جنب أنوار الليبرالية وولعها بالحرية ومجادلات الماركسية وحلمها بالعدل.

اصطدم بالمؤسسة الدينية التى ينتمى إليها. ولكنه لم يفقد الأمل فى إصلاحها ذات يوم.فهو لم يترك باباً للحوار إلا طرقه. بدأ الحوار مع نفسه عبر استخلاص الدروس من تجاربه ومراجعة مواقفه، وهو الذى مر فى تطوره الفكرى بمراحل قومية عربية وخومينية فى طريقه إلى الاستنارة العقلية والتنوير الثقافى والفكرى والبحث عن المساحات المشتركة التى تكفل تعايشاً بين المختلفين وحرية تحطّم الأغلال وتفتح الأبواب المغلقة وعدلا يحمى الفقراء والضعفاء من الاستغلال والبطش.

وكان متفائلاً حتى آخر لقاء جمعنا نهاية العام الماضى فى بيروت رغم كل ما يعج به الواقع العربى من أسباب للإحباط واليأس. فوداعاً ياصاحب العقل المضىء والعمامة المنيرة فى عصر عربى مظلم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمامة المنيرة العمامة المنيرة



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 17:24 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 10:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 18:41 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

كرة القدم ضحية فيروس كورونا من تأجيل بطولات وإصابة نجوم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon