الكراهية والهوس بالتآمر

الكراهية.. والهوس بالتآمر!

الكراهية.. والهوس بالتآمر!

 لبنان اليوم -

الكراهية والهوس بالتآمر

د. وحيد عبدالمجيد

يقوم المنهج العلمى الذى يتعلمه الدارسون فى مختلف العلوم الاجتماعية والطبيعية على أن كل ما يتم بحثه يمثَّل افتراضا قابلا للتأكيد أو النفى، وأن هدف البحث هو التحقق من صحة أى افتراض (أو فرضية) من عدمه.

ويتعامل المنهج العلمي مع ما يستحق البحث فيه بوصفه افتراضا ينبغى إخضاعه لهذا البحث على أسس علمية لا مجال فيها للأهواء والعواطف.

ولذلك تتعارض حالة الهوس بالتآمر التى يحاول البعض نشرها فى المجتمع مع «ألف باء» المنهج العلمى، الذى يستحيل أن يتقدم أى مجتمع فى غيابه، ويعود أدراجه إلى الوراء إذا فقده.

ولكن هذا ليس إلا غيض من فيض أخطار الهوس بالتآمر. ومن أشد هذه الأخطار ارتباط ذهنية المؤامرة بثقافة الكراهية التى لا تسرى فى المجتمع إلا ونشرت فيه الخراب، لأنها تنزع منه العقل فتصبح غرائز الانتقام والثأر والقضاء على الآخر ـ أى آخر مختلف ـ هى التى تحكمه.

ويزداد هذا الخطر فى حالتين. أولاهما تدهور مستوى الإعلام، لأن الكثير من وسائله يصبح فى هذه الحالة منابر لنشر الكراهية وتغذيتها فى المجتمع، وتحويلها إلى وباء تنتقل عدواه، فيصبح هذا المجتمع فى حالة «حرب الكل ضد الكل».

وعندما تسود الكراهية فى مجتمع منخفض الوعى محدود التعليم محافظ اجتماعيا ومتصحر ثقافيا، يكون الإعلام المرئى ومواقع التواصل الاجتماعى أبرز تجلياتها وأهم عوامل توسيع دوائرها وازدياد حدتها.

أما الحالة الثانية التى يشتد فيها خطر انتشار ثقافة الكراهية نتيجة ازدياد الهوس بالتآمر فهى وجود تهديد إرهابى يجعل الطلب على الأمن مقدَّما على ما عداه، ويدفع إلى التخلى طوعاً عن حريات وحقوق طبيعية تحت وطأة هذا التهديد. وحين يحدث ذلك يفقد المجتمع قدرته، ليس فقط على التقدم الذى يتطلب إبداعاً وابتكاراً لا يتيسران فى غياب الحريات، ولكن أيضا على حل مشاكله الحياتية، اقتصادية واجتماعية. ولكن الأهم من ذلك أن الحياة بالمعنى المادى أو الفيزيقى (حياة الجسد) تَجُب فى هذه الحالة الحياة الإنسانية أو حياة الروح والعقل اللذين يمثلان جوهر المجتمع الحديث فى عصرنا الراهن.

وعندئذ ينغمس المجتمع فى أصغر الصراعات التى ينطوى بعضها على إسفاف، ويفتقد كثير منها المنطق، فلا يكاد المرء يعرف لماذا يحدث هذا الصراع أو ذاك، وعلى أى شئ يدور!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكراهية والهوس بالتآمر الكراهية والهوس بالتآمر



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon