تعذيب الفقراء

تعذيب الفقراء

تعذيب الفقراء

 لبنان اليوم -

تعذيب الفقراء

د. وحيد عبدالمجيد

أن تكون فقيراً فى مصر، فهذا يعنى أنك تتعذب على كل صعيد. لاقتصر فداحة الفقر على الحرمان والعجز والجوع. ولا تقف ويلاته عند عذاباته الجسدية والنفسية الناتجة عن الافتقاد إلى أبسط المتطلبات الأساسية لحياة إنسانية.الفقر فى مصر أبعد من ذلك، وأكثر. أن تكون فقيراً فى بلدنا يعنى أنك مُعَّرض للتعذيب واستخدام القسوة ضدك فى أماكن الاحتجاز أكثر من غيرك وهذا هو ما أظهرته مجدداً الدراسة التى قامت بها «المجموعة المتحدة محامون ومستشارون قانونيون» فى إطار مشروع يهدف إلى دعم ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.

ولذلك حمل التقرير الصادر عن هذا المشروع قبل أيام عنوان: «التعذيب فى مصر: الفقراء يدفعون الثمن». فالنسبة الكبرى من ضحايا التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان هم من الفقراء، وفى مقدمتهم «عمال اليومية» والعمال الموسميون والعاطلون، ومن الأقل تعليماً بمن فيهم غير المتعلمين والحاصلون على تعليم حتى المرحلة الثانوية (نحو 70% من العينة التى اعتمدت عليها الدراسة).

وجاء الشباب فى مقدمة الضحايا وفقاً للدراسة أيضاً. وليس هذا غريباً فى ظل الاستهانة بالشباب وما يقترن بها من تداعيات ينًّبه إليها منذ نحو عامين من يخشون عواقبها الوخيمة. فقد تبين للدارسين أن الفئة العمرية من 18 إلى 35 سنة هم الأكثر تعرضاً للتعذيب بنسبة 58%.

وعندما تكشف الدراسة أن معظم وقائع التعذيب ترتبط بقضايا جنائية أكثر مما تتعلق بقضايا سياسية، فهذا ينسجم مع ما رصدته بشأن خلفيات المنتهكة حقوقهم كونهم من الفقراء وغير المتعلمين والحاصلين على تعليم محدود. فقد تبين أن ضحايا التعذيب والمعاملة القاسية فى قضايا جنائية هم أربعة أمثال من يتعرضون له لأسباب سياسية.

ولم يتضمن التقرير طبيعة أماكن الاحتجاز التى ينتشر فيها التعذيب وغيره من الانتهاكات أكثر من غيرها. ولكن السياق العام للنتائج التى يعرضها هذا التقرير يدل على أن التعذيب أكثر انتشاراً فى أقسام الشرطة. وإذا صح هذا الاستنتاج، فهو يعنى أن التعذيب يحدث بالأساس لانتزاع اعترافات من محتجزين فى الأقسام التى تشتد الحاجة إلى رقابة قضائية مباشرة ومستمرة على أماكن الاحتجاز فيها.

غير أن ما نحتاج إليه أكثر هو عدم التغاضى عن جرائم التعذيب، وتقديم جميع مرتكبيها إلى العدالة وعدم التستر على أى منهم. وهذه هى البداية الحقيقية لمحاصرة التعذيب ووضع حد له.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعذيب الفقراء تعذيب الفقراء



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon