مجتمعنا الضائع

مجتمعنا الضائع!

مجتمعنا الضائع!

 لبنان اليوم -

مجتمعنا الضائع

د. وحيد عبدالمجيد

تجريف هائل تعرض له المجتمع المصرى على مدى ما يقرب من أربعة عقود. تجريف لا مثيل له، أو قل إنه كان مثله نادرا فى العالم فى الفترة نفسها. فلم يجتمع التسلط والفساد والإفقار والاستهانة بمقدرات البلاد، فضلاً عن تجريف القيم الإيجابية، إلا فى حالات قليلة خلال تلك الفترة.
ويميل كثير من علماء الاجتماع إلى أن تدهور المجتمعات يكون أكثر خطراً عندما يشمل القيم الايجابية، وقد بلغ تجريف هذه القيم فى مجتمعنا مبلغاً مهولاً بعد أن خرَّبت السياسات التى اتُبعت بدءاً من النصف الثانى من السبعينات أفضل ما فى ثقافته وأنبل ما فى نمط حياته والعلاقات بين أفراده وفئاته.
وأصاب هذا التخريب القيم المتعلقة بالعمل الجاد المتقن فى مقتل منذ أن شجعت السلطة السعى إلى جمع المال بأية وسيلة عبر أسوأ رسالة يمكن أن يوجهها رئيس إلى الشعب وهى أن أبواب الثراء صارت مفتوحة وأن فرصه باتت غير محددة. وكان ذلك فى إطار ما أسماه الراحل الكبير أحمد بهاء الدين وقتها (انفتاح سداح مداح)، حيث طغت مكاتب الاستيراد على مراكز الإنتاج وتصدر فاسدون السوق منذ اللحظة الأولى عبر صفقات الأغذية الفاسدة فى ظل تواطؤ السلطة التى وعدت بإنهاء «طوابير الجمعيات الاستهلاكية» التى كان الناس يقفون فيها للحصول على احتياجاتهم، وقد فعلت، ولكنها أجهزت فى الوقت نفسه على قدرة كثير منهم لم يعد فى امكانهم الحصول على معظم هذه الاحتياجات سواء من تلك الجمعيات أو من «السوبر ماركت» الذى اعتبرته السلطة وقتها إنجازاً تاريخياً لها.
وهكذا تنامى طمع من استثمروا فرص الثراء والإثراء ونهمهم للمال، بالتزامن مع ازدياد معدلات الفقر وأعداد من يعانون منه. ولم يجمع بين من أثروا على حساب المجتمع و كثير ممن تحولوا إلى فقراء أو ازدادت حدة فقرهم إلا الاستعداد لعمل أى شىء مشروع أو غير مشروع، أخلاقى أو مناف للأخلاق، من أجل مراكمة مزيد من الثروات أو الحصول على رغيف عيش حاف.
وحين يحدث ذلك، يدخل المجتمع فى حالة ضياع هى العقبة الرئيسية الآن أمام وقف التدهور المستمر فى منظومته القيمية وأنماط علاقاته وتفاعلاته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجتمعنا الضائع مجتمعنا الضائع



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon