يساريون ضد الثورة

يساريون ضد الثورة!

يساريون ضد الثورة!

 لبنان اليوم -

يساريون ضد الثورة

د. وحيد عبدالمجيد

لم أصدق أذنى حين قال صديق يسارى ماركسى إن كلمة الثورة صارت سيئة السمعة. لم أناقشه رغم إيمانى العميق بأن ثورة 25 يناير هى أعظم حدث عرفته مصر منذ حرب 6 أكتوبر.

ولكن الحوار فى هذا الموضوع يفقد معناه، وليس فقط جدواه، مع فئتين. أولاهما تضم المعادين للثورة من القوى المضادة لها لأن العدالة الاجتماعية تهدد مصالحهم بينما الحرية تكشف حقيقتهم أوتعَّرى فسادهم. أما الفئة الثانية فتشمل من أفقدتهم صدمة جماعة «الإخوان» عقلهم، فتحولوا ضد الثورة بعد أن وقفوا معها بل أسهموا فى التمهيد لها مثل صديقى هذا، أو كانوا محايدين فى موقفهم.

فليس ممكناً أن يقف يسارى ناضل طويلاً من أجل العدالة الاجتماعية والحرية إلا إذا فقد نفسه. كانت الماركسية ثورة ضد الاستغلال والاستعباد والظلم، ودعا مؤسسها منذ بيانه الأول عام 1848 إلى الثورة. وظل اليسار فى طليعة القوى الثورية فى العالم لأكثر من قرن، قبل أن يفقد وهجه ويضعف حضوره. غير أن تراجع اليسار لا يغير طابعه الثوري. فليس ممكناً أن تكون يساريا ورافضاً لثورة شعب من أجل التحرر فى الوقت نفسه.

كان هذا هو الحال فى مصر كما فى غيرها من بلاد العالم. لم يغَّير يساريون بحق موقفهم مع ثورة 23 يوليو، رغم تعرضهم لتعذيب كان بعضه بشعاً فى سجون نظامها. لم يختلفوا مع قيادة تلك الثورة إلا فى دكتاتوريتها وعدم اعتمادها على الشعب الذى أرادته مصفقَّاً ومهللاً بدلاً من أن يكون مشاركاً وفاعلا.

لم يفقد هؤلاء أنفسهم حين اشتد عليهم التعذيب واشتدت معه آلامهم. ولكن بعض يساريى هذا الزمان، أو بالأحرى من كانوا يساريين، فقدوا أنفسهم عندما خلطوا بين نبل الثورة وجريمة من سطوا عليها. أعماهم عداؤهم الدفين لجماعة «الإخوان» التى حاولت خطف الثورة بعد أن وصلت إلى قصر الرئاسة. وحين يُصاب المرء بعمى سياسي، وما أدراك ما هذا العمي، يأتى بالعجب العجاب.

فإذا كان المصاب يسارياً، فقد ذاكرته ولم يعد يذكر ما نشأ عليه من إيمان بان العدالة الاجتماعية تتحقق عبر معالجة التفاوت الطبقى الذى يقترن بتراكم الثروة لدى قلة ضئيلة وتراكم الفقر فى أوساط أغلبية كبيرة. وهو لا يرى فى هذه الحالة ما كانت عيناه مفتوحة عليه دائماً وهو استغلال الفقراء واستعبادهم والانحياز لسياسات تؤدى الى تراكم ثروات القلة القليلة وتفاقم آلام الأغلبية الكبيرة.

ولذلك لا يثير الاستغراب ما يصدر عنه فى حق الثورة التى حلم بها وأسهم فى حرث الأرض من أجلها لعدة عقود.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يساريون ضد الثورة يساريون ضد الثورة



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 17:24 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 10:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 18:41 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

كرة القدم ضحية فيروس كورونا من تأجيل بطولات وإصابة نجوم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon