“الحوار” بالشتائم واللكمات

“الحوار” بالشتائم واللكمات

“الحوار” بالشتائم واللكمات

 لبنان اليوم -

“الحوار” بالشتائم واللكمات

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

عندما يتكرر تحول ما نسميه حواراً إلى عراك يبدأ بعنف لفظى وقد يصل إلى التراشق بأكواب الماء، ثم التشابك بالأيدى، لا تكون المشكلة فقط فى هذا البرنامج أو ذاك من البرامج التليفزيونية، أو فى هذه القناة أو تلك من وسائط الإعلام المرئى.

وحين تزداد هذه الظاهرة، لا تكون الأزمة محصورة فى السعى إلى الإثارة لتحقيق معدلات مشاهدة أعلى، وبالتالى مكاسب أكبر من خلال مزيد من الإعلانات.

وما ميل بعض البرامج فى قنوات فضائية إلى الإثارة والإسفاف والابتذال، وانتهاكها أبسط المعايير المهنية التى لا يحتاج احترامها إلى قوانين أو مواثيق شرف، إلا مكون صغير من مكونات أزمة كبيرة تواجه الحوار العام فى بلادنا.

ولذلك يتعين تحديد طبيعة هذه الأزمة وعواملها، لأن الاكتفاء بإدانة تحول ما يُفترض أنه حوار إلى تنابذ وتبادل للشتائم والاتهامات، وصولاً إلى العراك بالأيدى فى بعضها، لا يفيد فى شئ.

ويكمن جوهر الأزمة فى شيوع الاتجاه إلى رفض الآخر 00 أى آخر مختلف عنى. وحين يصبح الاختلاف مكروهاً، لا يقبل المرء إلا أن يتخلى الآخر عن انتمائه حتى لو كان رياضياً، أو رأيه أو موقفه. فإذا لم يفعل تحق عليه اللعنات، وربما ما هو أكثر منها.

ويعود رفض الآخر إلى اعتقاد فى أن الحقيقة واحدة لا يمكن أن تتعدد. فرافض الآخر يعتقد أنه يمتلك وحده الحقيقة، ويظن بالتالى أنه على صواب بشكل مُطلق. وهو لا يجد أى مبرر لمحاولة تأمل موقف الآخر الذى يرفضه، ومناقشته بطريقة موضوعية لعله يجد فيه منطقاً0 وقد تتفاقم هذه الحالة فتصل الى رفض وجود الاخر, وليس موقفه فحسب.

ويرتبط رفض الآخر على هذا النحو بضمور الثقافة النقدية فى المجتمع، لأسباب تتعلق بحالة التعليم والأجواء العامة السائدة. فكلما تراجع مستوى التعليم، وسادت الغوغائية، يزداد التسطيح الثقافى والمعرفى، ويتوارى العقل جانباً، وتتعطل وظيفته الأساسية فى التفكير والتمييز والربط بين الأمور بطريقة منطقية.

ولذلك لا تقل أهمية إصلاح التعليم وتخفيف الاحتقان فى المجتمع عن تصحيح منظومة الإعلام. أما إذا تصورنا أن هذا التصحيح ممكن بمجرد إصدار قانون الإعلام المنتظر، فسرعان ما سنكتشف مجدداً عدم جدوى وضع العربة أمام الحصان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“الحوار” بالشتائم واللكمات “الحوار” بالشتائم واللكمات



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon