لم يكن عقلانيا

لم يكن عقلانيا

لم يكن عقلانيا

 لبنان اليوم -

لم يكن عقلانيا

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

انتقد بعض القراء، والأصدقاء، اجتهادى المنشور فى 12 يونيو الماضى اعتقاداً فى أنه يبخس دور المفكر البريطانى جون لوك فى العملية التاريخية التى أُطلق عليها التنوير.

ولذا ينبغى توضيح أن الهدف من ذلك الاجتهاد ليس التقليل من شأن لوك، بل توضيح أنه لم يكن رائد تلك العملية التى لم تكن قد بدأت فى عصره، حيث رحل عام 1704 أى فى مستهل القرن الذى طُرحت الأفكار التنويرية خلاله.

وإذا كان من الضرورى أن نعتبر لوك رائداً فى مجال ما، نستطيع القول إنه كان رائد فكرة التسامح، ونبذ التعصب. ورغم أن هذه الفكرة صارت جزءاً من المنظومة الفكرية للتنوير، فقد كانت العقلانية هى الفكرة المحورية فيها. وكان لوك بعيداً أشد البُعد عن هذه الفكرة، بل على العكس. ربما يجوز القول إنه دافع عن اللاعقلانية دون أن يقصد فى سياق سعيه إلى تقويض ركائز التعصب.

فقد اتجه لوك إلى التشكيك فى قدرة العقل الإنسانى من أجل دحض الأساس الذى اعتقد فى أنه مصدر التعصب، وهو أن الإنسان يولد وقد انطبعت فى عقله عقيدة كاملة، وأن هذا العقل لا يقدر على التفكير فى أى من جوانبها، بما فى ذلك تلك المتعلقة بسلوكه المترتب على إيمانه الذى فُطر عليه، انطلاقاً من أن لديه الحقيقة المطلقة التى ينبغى أن تسود العالم.

لم يكن مستوى التطور فى القرن السابع عشر قد بلغ المبلغ الذى يتيح لمفكر مثل لوك أن يسعى إلى تأكيد قدرة العقل على التفكير فيما كان رجال الدين يعتبرونه حقيقة مطلقة انطبعت فى هذا العقل منذ البداية، ويتخذونه منطلقاً للتعصب. ولذلك لجأ إلى الدفع بأن عقولنا ضعيفة لا تدرك الأشياء جميعها، وبنى على ضعفها فكرة التسامح، والتى يمكن تلخيصها فى أنه إذا كان العقل عاجزاً على هذا النحو، فلابد أن يُسمح لكل إنسان بأن يعبد الله بطريقته، وألاَّ نُحاسب على ما يعتقده، بل على سلوكه فى المجتمع.

وبمقدار ما أسهم لوك، عن طريق مبدأ التسامح، فى تعبيد الطريق لعملية التنوير، فقد وضع عائقاً أمامها عندما شكك فى قدرة العقل على تحقيق التقدم.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يكن عقلانيا لم يكن عقلانيا



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon