حتاتة  والسياسة  والإبداع

حتاتة .. والسياسة .. والإبداع

حتاتة .. والسياسة .. والإبداع

 لبنان اليوم -

حتاتة  والسياسة  والإبداع

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

بئس أى خلاف فكرى يمنع تأكيد الاحترام الواجب الذى يستحقه من تختلف معه، فما بالك حين يكون نموذجا للإنسانية التى تنحسر فى عالمنا مثل د. شريف حتاتة الذى رحل عن عالمنا قبل أيام.

تجلت نزعته الإنسانية المتدفقة أولاً عبر العمل السياسى النضالى بحثاً عن الحرية والعدل، وسعيا إلى إنصاف الضعفاء والمظلومين اجتماعيا وسياسيا، مضحيا بحريته الشخصية من أجل حرية شعبه لنحو 15 عاما أمضاها معتقلا وراء قضبان حبست جسده، بينما بقى عقله محلقا فى آفاق لا تحدها أسوار، وظلت روحه تهفو إلى ما عاش من أجله. ورغم أنه ليس أول من بدأ الإبداع الروائى متأخرا نسبيا حين أصدر روايته الأولى (الصين ذات الجفن المعدنى) فى منتصف السبعينيات عن تجربته فى السجن، لابد أن تبهرك رواياته التى واصل من خلالها التعبير عن نزعته الإنسانية والقيم التى آمن بها وحلم بتحقيقها. وكان للمبدعة الكبيرة د. نوال السعداوى دور مهم صرح به د.حتاتة أكثر من مرة فى تحوله إلى التعبير عن أفكاره وقيمه التقدمية عن طريق الإبداع الروائى، الذى يظل أثره متواصلاً وغير محدود عبر الأجيال، بخلاف العمل السياسى المحدود بطابعه وبقدرة من يمارسه على الصمود وبحياة الإنسان القصيرة. 

وساعد فى هذا التحول أن انتماء حتاتة اليسارى كان تعبيرا عن نزعة إنسانية عميقة أكثر مما كان تجسيدا لانحياز أيديولوجى بدا فى كتاباته الأولى أكثر وضوحاً منه فى أعماله الأخيرة، مثل «شريط الحزن الأبيض» و«رقصة أخيرة قبل الموت». 

كما أن كتاباته الفكرية تخلو من الإطلاق الذى وقع كثير من اليساريين العرب، والغربيين أيضا، فى أسره. تأمل مثلاً منهجه فى كتابه (فكر اليسار وعولمة رأس المال) بما يتضمنه من محاولة لتجاوز القوالب الفكرية الجامدة والجاهزة دوماً، والمقولات المعلبة. رحل د. حتاتة فى أحد مستشفيات ألمانيا، بعيداً عن الأرض التى رواها نضالاً وإبداعاً، وحلم بتحويلها إلى بستان تتفتح فيه الزهور. رحل حزيناً على حلمه الذى لم يتحقق، كما نفهم من سياق روايته «شريط الحزن الأبيض» التى يجد من يتأملها تعبيراً مُكثَّفاً عن الأمانى النبيلة المجهضة التى ستظل أفكاره بشأنها نبراساً لمن يواصل الحلم بها والعمل من أجلها. 

المصدر: صحيفة الأهرام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتاتة  والسياسة  والإبداع حتاتة  والسياسة  والإبداع



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon