تكلفة رفض التغيير

تكلفة رفض التغيير

تكلفة رفض التغيير

 لبنان اليوم -

تكلفة رفض التغيير

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

الصراع بين القوى المحافظة والرجعية من ناحية، والقوى التقدمية النازعة إلى التغيير من ناحية ثانية، قديم فى أعماق التاريح الإنسانى. فقد شهد التاريخ أنماطاً متعددة لهذا الصراع. وكان أكثرها شيوعاً نمطان أولهما الصراع بين حكام يريدون المحافظة على سلطتهم بأى ثمن، ومعارضين يبحثون عن التغيير من أجل وقف هذا التدهور وفتح باب للإصلاح.

أما النمط الثانى فهو الصراع بين مفكرين وفلاسفة ومثقفين. وأياً كانت تفاصيل هذا الصراع فى كل حالة حدث فيها، يجوز اختزاله فى المناظرة بين المبدأ المحافظ الرجعى القائل (ليس فى الامكان أبدع مما كان) والمبدأ التقدمى - الثورى الذى يقول (بل فى الامكان أفضل من أى مما كان).ومثلما يُشار عادة إلى الصراع الفلسفى بين أبو حامد الغزالى وابن رشد فى الثقافة الإسلامية، يُعد التضاد بين دى ميستر وفولتير نموذجاً له فى الثقافة الغربية0 ولكن الصراعات الفكرية والسياسية بين المحافظين الرجعيين والتقدميين أنصار التغيير فى عصرنا الراهن صارت أكثر تعقيداً فى محتواها دون أن يغير ذلك فى جوهرها. كان السجال الفكرى حول المحافظة على أى وضع قائم أم تغييره مغرقاً فى التجريد حتى أوائل القرن التاسع عشر. ولكنه أخذ يقترب من الواقع تدريجياً مع تطور وسائل الاتصال التى أتاحت لكثيرين متابعة الحوارات بين أنصار القديم ودعاة التجديد.ولذلك كان من الضرورى تبسيط محتوى هذه الحوارات وربطها بواقع الناس وحياتهم. وكان التطور الأكثر أهمية فى هذا الاتجاه هو ربط الحوار حول القديم والجديد بمسألة التكلفة بمعناها الواسع، وليس الاقتصادى والمالى فقط.

وأتاح هذا التطور المهم كشف أن هناك ظلاً لمرجعية دينية وأخلاقية كامنة فى توجهات المحافظين والرجعيين بما فى ذلك أكثرهم علمانية وليس فقط مدنية.

فالإصرار على عدم قدرة الانسان العادى على المشاركة فى صنع مستقبله وتغييره ينطوى ضمناً على اعتقاد فى وجود أشخاص تختارهم العناية الإلهية للقيادة0 فإذا كان هؤلاء الأشخاص موجودين لابد أن يكون الوضع فى أفضل حال.

وربما يكون هذا النوع من التفكير، من أهم الخسائر التى ينبغى إدراجها ضمن تكلفة رفض التغيير فى هذا العصر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكلفة رفض التغيير تكلفة رفض التغيير



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon