التطرف‏‏ وحرية التفكير

التطرف‏..‏ وحرية التفكير

التطرف‏..‏ وحرية التفكير

 لبنان اليوم -

التطرف‏‏ وحرية التفكير

بقلم: د. وحيد عبدالمجيد

ليس الخطاب الديني وحده الذي يحتاج إلي إصلاح وتحديث. خطاباتنا الثقافية لا تقل تخلفا, وتشتد الحاجة إلي مراجعتها وتطويرها. غير أن هذا لا يتحقق بمجرد الدعوة إليه, مهما تكررت وأعيد إنتاجها.وعندما نتحدث عن تغيير ضروري في مجمل خطاباتنا, فهذا يعني وجود مشكلة جوهرية في طريقة تفكيرنا. وتعود هذه المشكلة إلي عوامل تاريخية متراكمة لا تتيسر معالجتها دون رؤية واضحة ومتكاملة. أما الطريقة العشوائية في التعامل معها سواء بالتجزئة أو يوما بيوم فلا تؤدي سوي الي تكريس البيئة المنتجة للتطرف. والخطوة الأولي في هذا الاتجاه هي تحرير العقل من القيود التي تكبله عبر توفير الأجواء اللازمة لذلك بدءا بتوسيع المجال العام لكي تتفتح الزهور بحرية, وتفتح بالتالي الباب أمام أنماط جديدة من التفكير النقدي والإبداعي. وإذا أخذنا الخطاب الديني مثالا, نجد أن الحرية هي الطريق إلي مواجهة التعصب والتطرف لأنها تفتح المجال أمام من يمكنهم المساهمة في تنوير المجتمع, ولكنهم يخشون أن يلحقوا بمن وجدوا أنفسهم محبوسين حين قاموا بواجبهم الوطني في هذا المجال. والحرية هي التي توفر البيئة المجتمعية التي يتعود الناس فيها علي النقد, ويدركون ضرورته للخروج من دائرة التخلف التي يدورون فيها جيلا بعد آخر, لأنهم لا يعرفون أن نقد الخطاب الديني وتحديثه لا يعني طعنا في الدين, بل حرصا عليه. وإذا عدنا إلي تاريخنا القريب, نجد علاقة وثيقة بين حرية التفكير والتعبير وظهور مشاريع تنويرية. كانت هذه الحرية ضرورية لكي يطرح الإمام محمد عبده علي سبيل المثال مشروعه الذي أخرج الشريعة من أسر النصوص الفقهية القديمة, سعيا إلي تحديث الخطاب الديني في نهاية القرن التاسع عشر. ورغم أن هذا المشروع لم يتجاوز حدود الاتجاه التوفيقي في التاريخ الإسلامي, إلا أنه كان الأكثر نضجا في هذا الاتجاه. وقد وفرت مساحة الحرية المتاحة في ذلك العصر حماية لأصحاب العقول في مواجهة القوي التي تسعي إلي تكريس وصايتها علي المجتمع واستخدام الدين وسيلة للمحافظة علي مصالحها. وبفضل هذه الحرية, لم يلق د. طه حسين عندما أصدر كتابه عن الأدب الجاهلي مصيرا مماثلا لما يتعرض له إسلام بحيري الآن, مع الفرق في مستوي معارف كل منهما بطبيعة الحال. وليتنا نستوعب الدرس التاريخي الذي يقول إن حرية التفكير وحرية التكفير لا تجتمعان.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف‏‏ وحرية التفكير التطرف‏‏ وحرية التفكير



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon