أي اسـتثمار نريد

أي اسـتثمار نريد؟

أي اسـتثمار نريد؟

 لبنان اليوم -

أي اسـتثمار نريد

د. وحيد عبدالمجيد

لا يكفى جذب استثمارات جديدة لحل أزمة اقتصادية متفاقمة، ما لم نعالج الأبعاد الاجتماعية الجوهرية لهذه الأزمة. ولا يفيد، والحال هكذا, منح المستثمرين مزايا تفوق الخيال فى «قانون الاستثمار» الجديد. ولعل أكثر ما يتجاوز الخيال فيه منح السلطة التنفيذية صلاحية تخصيص أراض لمستثمرين مجاناً، حتى اذا كانت هناك ضوابط جادة.

فقد رأينا ما أدى إليه تمكين وزير فى عهد مبارك من تخصيص أراضى الدولة (أى أراضى الشعب) لمستثمرين بالأمر المباشر من خلق إقطاع عقارى تفوق أخطاره كل ما قيل عن الإقطاع الزراعى قبل ثورة 1952. وقد حدث ذلك رغم أن التخصيص لم يكن مجانياً، فما بالنا بما سيترتب على تمليك أراض بدون مقابل وليس فقط منح حق الانتفاع بها لفترة معينة.

والحال أننا نعيد إنتاج السياسات «النيوليبرالية» التى انتقدناها طويلاً رغم أنها أدت الى ارتفاع معدلات النمو لأكثر من 7 فى المائة. ولذلك ينبغى التذكير بأن وصول النمو إلى هذا المستوى لم يحل أزمة مصر الاقتصادية، بل زادها حدة لأنه أدى إلى تفاقم مشاكل التفاوت الاجتماعى التى تضع على كاهل الحكومة أعباء تفوق ما ينتج عن النمو المرتفع، وتؤدى إلى اضطرابات متزايدة فى حالة الاستهانة بها أو تصور أن الفقراء الذين يزدادون فقراً سيتحملون إلى ما لا نهاية، وهم يرون القلة المترفة تراكم ثروات إضافية. فليس ممكناً أن نطالب الناس بأن يواصلوا تحمل شظف العيش لفترة طويلة، وأن يجوعوا وهم سعداء راضون، إلا إذا كان هناك شىء من العدالة الاجتماعية وخاصة على صعيد التوزيع العادل للأعباء والتضحيات.

أما حين يزداد التفاوت الاجتماعى بمعدلات تفوق النمو الاقتصادى، ويحصل الأكثر ثراء على مزايا إضافية، وينتشر الفساد ويتم التعامل معه بالطريقة «النيوليبرالية» التى تقوم على إبداء الاستياء منه لفظياً وفتح الأبواب أمامه فعلياً، سيكون الإفقار المترتب على ذلك هو العائق الرئيسى فى مواجهة حل حقيقى للأزمة العامة.

ولذلك ينبغى أن ننتبه قبل فوات الأوان، وأن نستذكر جيدا ما حدث تدريجياً منذ أواخر سبعينيات القرن الماضى، وأن ندرك أن الاستثمار وسيلة وليس غاية، وأن نتائجه تقاس بآثاره فى المجتمع على الأرض وليس بالحسابات الرقمية على الورق. فهناك استثمار يؤدى إلى الازدهار. وهناك استثمار يقود إلى الإفقار. فأيهما نريد؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي اسـتثمار نريد أي اسـتثمار نريد



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon