الرواية  والتاريخ

الرواية .. والتاريخ

الرواية .. والتاريخ

 لبنان اليوم -

الرواية  والتاريخ

د. وحيد عبدالمجيد

مازال الجدل الذى أثاره مسلسل حارة اليهود حول معالجته بعض الأحداث التاريخية مستمراً، كما يحدث عادة عقب عرض أعمال درامية تتناول فترات تاريخية معينة، مثل مسلسل صديق العمر فى العام الماضى، ومن قبله مسلسل الملك فاروق وغيرهما.

وسيتكرر هذا الجدل الذى يُحاكم فيه المسلسل كما لو أنه عمل وثائقى أو توثيقى وليس عملاً فنياً، مادمنا نخلط بين التاريخ من حيث هو علم اجتماعى والدراما بصفتها عملاً فنياً. وبخلاف المؤرخ أو الباحث فى التاريخ، فالمطلوب من صانع الدراما التاريخية أن يُقدَّم عملاً فنياً جميلاً مستقى من التاريخ، ولكنه قائم على رؤية إبداعية يلعب فيها الخيال دوراً رئيسياً.

وكم من روايات ومسرحيات عالمية تحول بعضها إلى أعمال درامية امتد فيها الخيال إلى وقائع تاريخية ثابتة، وفعل فعله فيها تغييراً وتبديلاً على نحو يمكن أن يثير عواصف من الغضب لو حدث مثله عندنا فى ظل النظرة الغالبة التى لا تُميز بين الفن والعلم.

ومن أكثر هذه الأعمال شهرة مسرحية الأديب الألمانى فريدريش شيلر عذراء أورليان عن حياة المناضلة الفرنسية ضد الغزو الإنجليزى جان دارك، والتى ألهمت عشرات المبدعين أعمالاً مختلفة.

لم يلتزم شيلر بالمصير الذى لقيته جان دارك حيث يسجل التاريخ أنها حُكم عليها بالإعدام حرقاً ونُفذ فيها الحكم عام 1431. فقد اختلفت نهاية مسرحية شيلر لأن سياق العمل اقتضى أن يكون الحكم عليها بالنفى لكى تواصل نضالها من الخارج، وتموت مقاتلة فى الميدان وليست محترقة فوق كومة من القش.

فقد انطلق المؤلف من إيمان بنظرية البطل التراجيدى الذى يسعى إلى هدف عظيم، وينتهى نهاية تجمع بين العظمة الإنسانية والعدالة الإلهية. فهى لا تموت فى تلك المسرحية إلا وقد رأت رايات فرنسا التى ناضلت من أجلها ترتفع من جديد، وفق ما اقتضته رؤيته الدرامية.

وقد اتبع هذا المنهج غير قليل من رواد الرواية التاريخية فى أوروبا مثل الإنجليزى والتر سكوت فى حكاية مونرو والألمانى توماس مان فى فلورنسا وآخرين تدخلوا فى مجرى الأحداث التاريخية، التى استلهموها واستخلصوا منها شخصيات ومواقف أعادوا تركيبها بطريقتهم ووفق رؤية كل منهم بغض النظر عن مدى التطابق مع الحقائق التاريخية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرواية  والتاريخ الرواية  والتاريخ



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon