حالة قرف

حالة قرف

حالة قرف

 لبنان اليوم -

حالة قرف

د. وحيد عبدالمجيد

وقَّع مجدى عبدالعليم عقداً مع إحدى شركات البرمجيات الهندية الكبرى للعمل ولكن ليس فى دلهى أو دكا، بل فى دبى ومنها إلى لوس أنجلوس فى العام التالى.
 فالشركات العالمية العابرة للجنسيات تقتنص شبابنا الواعد والمحبط واحداً بعد الآخر. وقد عادت مصر مجدداً لتكون سوقاً لهذه الشركات ولكن ليس لتستثمر فيها بل لتأخذ أفضل أبنائها. وكانت هذه السوق قد تقلصت بشكل ملموس عقب ثورة 25 يناير التى فتحت أبواب الأمل على مصارعيها أمام الشباب.
ولكن الكثير من هؤلاء الشباب، ومنهم مجدى (26 عاماً) أصابهم ما هو أشد من الإحباط، إنها حالة قرف تلك التى يجدون أنفسهم فيها وبدرجة أكبر مما كانت قبل ثورة 25 يناير. فلم يكن لديهم قبل تلك الثورة الأمل الذى ملأ حياتهم ثم سُحب منهم بقسوة مخلياً مكانه حالة مؤلمة لا يشعر بوطأتها أكثر من الشباب الموهوبين والمحبين لوطنهم.
فهم لا يتألمون حسرة على مستقبلهم كأفراد لأن فى امكانهم أن يحققوا أنفسهم فى بلاد أخرى، بل حزناً لأن طاقتهم الإبداعية والابتكارية لا مكان لها فى وطنهم الذى يأبى إلا أن يبقى على حاله ويفرض عليهم أن يضعوها فى خدمة تقدم آخرين فى العالم.
فمصر، التى فى خاطرهم ودمهم، لا تحفل حتى الآن بمبدعين وبمفكرين ومنتجين بل بمصفقين ومطبلين ومهللين. ربما يتغير الوضع بعد الانتخابات، فلماذا لا تنتظر بعد أن طال بك الانتظار؟ سؤال لا يعيره مجدى وأمثاله الكثير من الانتباه .
ولكن فى هذا الجيل من ينتظرون رغم أن حالة القرف ليست أقل وطأة عليهم. ولكنه انتظار مشوب بالعزوف عن المشاركة ومصحوب فى الوقت نفسه بمراجعة. فأهم ما يميز الموهوبين فى هذا الجيل، وما أكثرهم، هو عقلهم المنفتح وبالتالى قدرتهم على إعادة تقييم الأوضاع. ربما يدهشك قرار بعضهم بغلق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى التى بلغ فيها التدنى السائد فى لغة الخطاب فى مصر كلها ذروته. فقد أصبحت هذه المواقع مدعاة لقرف لا حدود له.
غير أن من يبقون فى مصر من هؤلاء »القرفانين« يظلون رصيداً إيجابياً لمستقبل سيصنعونه بتفكيرهم الجديد الذى ينتمى إلى العصر، لأن من يصرون على بقاء مصر خارج هذا العصر لن ينجحوا فى ذلك طويلاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة قرف حالة قرف



GMT 18:44 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الشـعب

GMT 18:40 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

خياران مُران

GMT 18:36 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوطان تطارد النجاح!

GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon