خرافة خفض الواردات

خرافة خفض الواردات

خرافة خفض الواردات

 لبنان اليوم -

خرافة خفض الواردات

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كثيرة هى الخرافات الشائعة بشأن أوضاعنا الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية، إما لغياب الشفافية اللازمة للمعرفة الصحيحة، أو لشيوع التفكير الخرافى حتى فى بعض دوائر صنع القرار، وليس فقط فى المجتمع الذى تعرض لتجريف ثقافى ومعرفى على مدى عقود.

وإحدى هذه الأساطير أننا نستطيع (السيطرة) على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار عن طريق خفض الاستيراد من الخارج. ولذلك فكلما انخفض هذا السعر، ازدادت المطالب فى هذا المجال, وتراوحت بين ترشيد الاستيراد، ومنع استيراد ما يُطلق عليه سلع ترفيهية أو استفزازية، وتقليل الواردات من السلع الاستهلاكية بوجه عام. ولكن الحقيقة هى أن كل ما نستورده من هذه السلع الاستهلاكية، سواء كانت ضرورية أو غير ضرورية، لا يزيد على 20% من إجمالى وارداتنا، أو أكثر قليلاً فى بعض السنوات. فهيكل وارداتنا يفتقر إلى المرونة التى تتيح اللجوء إلى إجراءات تقييدية فى مجال الاستيراد، بافتراض أن هذا حل جاد، لأن القسم الأعظم من هذه الواردات مستلزمات صناعية أو سلع وسيطة تُستخدم فى الإنتاج المحلى الذى تشتد حاجتنا إلى زيادته. وليس هناك ما هو أكثر من الدلائل على ذلك. ولعل آخرها التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول الميزان التجارى فى ديسمبر 2015. فإذا نظرنا إلى السلع التى انخفضت قيمة وارداتها، فستجد أنها من هذا النوع الذى نحتاجه للإنتاج المحلى. فكان أكثرها انخفاضاً مستلزمات الحديد والصلب بنسبة 40.5%، والمواد الكيماوية بنسبة 16.9%، ومواد بلاستيكية أولية بنسبة 11.4%. والسلعة الاستهلاكية الوحيدة التى انخفضت قيمة وارداتها هى اللحوم بنسبة 31.3%، وهى ضرورية للفئات الأقل دخلاً لأنها تُباع بأسعار أقل من نظيرتها المحلية. ولا يختلف الحال بالنسبة إلى السلع التى ارتفعت قيمة وارداتها. ولكن عندما يكون القمح أكثرها ارتفاعاً (بنسبة 42.3%)، لابد أن ندرك حجم الجريمة التى تعرضت لها زراعة القمح منذ الثمانينيات، وما ترتب عليها من تنامى نفوذ مستورديه. أما البند الثانى فى الواردات التى ارتفعت قيمتها فهو الأدوية ومستلزمات صناعتها بنسبة 20.1%، مع ملاحظة أن هذا الارتفاع أقل مما هو ضرورى لسد الحاجات المحلية، حيث مازال هناك نقص فى بعض الأدوية. ولذلك، فبدلا من الانغماس فى خرافة تقليل الواردات، علينا أن نراجع سياستنا الاقتصادية ونعالج اختلالاتها التى تؤدى إلى تراجع الإنتاج المحلى سواء القابل للتصدير أو الضرورى للاستهلاك المحلى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خرافة خفض الواردات خرافة خفض الواردات



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon