رحيل أديب معطاء

رحيل أديب معطاء

رحيل أديب معطاء

 لبنان اليوم -

رحيل أديب معطاء

د. وحيد عبدالمجيد
د. وحيد عبدالمجيد

يعرف كثير من المثقفين إدوارد الخراط الأديب والكاتب المبدع والبديع الذى ترك عند رحيله الأسبوع الماضى نحو 60 عملاً روائياً وقصصياً ونقدياً، فضلاً عن ترجمات عدة. وتمثل هذه الأعمال إسهاماً كبيراً فى التنوير والتحديث والعقلنة.

ولكن عطاءه لم يقتصر على إبداعه الذى كان له أثره فى تكوين أجيال من الأدباء والكُتاب. فقد حرص على دعم الموهوبين فى الأجيال التالية له، وتقديمهم إلى مجتمع المثقفين والقراء وهم فى بداياتهم، عبر كتاباته النقدية الرصينة التى حظيت باهتمام واحترام بالغين لموضوعيتها والتزامها. فهو لم يجامل كاتباً غير موهوب بسبب شخصى، ولم يقدم كاتبة لا تستحق بخلاف ما يفعله نُقاد يفتقدون الأخلاق المهنية.

ويذكر أبرز أدبائنا الآن له هذا العطاء، ويعدونه أستاذهم رغم أن كلاً منهم صار أستاذاً فى مجاله. وكان حرصه هذا على الأخذ بأيدى شباب الأدباء والموهوبين وتقديمهم جزءاً من رؤية إنسانية تقدمية تؤمن بالمستقبل وبقدرة العقل على تغيير حياة الناس والارتقاء بها.

وتنطوى رؤية الخراط هذه على بُعد سياسى ثورى ظل يلازمه بعد أن توقف عن الانخراط فى المجال العام وتفرغ للكتابة والعطاء الأدبى والفكرى الذى يؤثر بالضرورة فى هذا المجال.

فقد شارك الخراط، مثل كثير من أبناء جيله، فى الحركة الوطنية الديمقراطية فى النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى. فقبل أن يتخرج فى كلية الحقوق، بدأت انتفاضة 21 فبراير 1946، التى لا تزال مصدر إلهام لمبدعين يكتبون عنها ويتغنون بها مثلما فعل الشاعر الكبير سمير عبد الباقى فى إحدى قصائده التى لحنها وغناها الراحل العظيم عدلى فخرى: (فى قلبى نبض وفى العروق/من نبض ستة وأربعين).

وشارك الخراط فى الحركة الوطنية فى تلك المرحلة واعتُقل عام 1948، وواصل مشاركته فى العمل العام بعد ثورة 1952 فى عدد من المواقع قبل أن يقرر التفرغ للكتابة. وحسناً فعل، لأن تفرغه هذا أنتج إبداعاً تنويرياً على مستوى عالمى.

ورغم انتقاله إلى القاهرة فقد ظل ولعه بالإسكندرية أحد مصادر إلهامه، فاستوحاها فى عدد من أعماله، وكان أفضل من فعل ذلك -بعد لورنس داريل مؤلف «رباعيات الإسكندرية»`فى روايته البديعة زترابها «عفران». وأصبح تلميذه الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد ثالثهما فى هذا المجال الآن.

وها هو جسده يعود إلى الإسكندرية، بينما سيظل ابداع عقله نوراً يشع فى كل مكان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل أديب معطاء رحيل أديب معطاء



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon