ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور»

ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور»؟

ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور»؟

 لبنان اليوم -

ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور»

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

حدثَّنا د. مراد وهبة فى مقالته المنشورة فى «الأهرام» فى 29 مارس الماضى عن انحياز الفيلسوف الإغريقى أفلاطون إلى المطلق، أى الاعتقاد فى وجود حقائق مطلقة. وهو يختلف فى ذلك عن سقراط الذى عُرف عنه انحيازه إلى النزعة النسبية التى لم يتقدم البشر إلا عندما تبنتها نخبة متزايدة منهم فى أوروبا بدءاً من القرن السادس عشر. وكان انتشار تلك النزعة تحدياً لمن سماهم د. وهبة أولئك الذين يتوهمون أن العقل قادر على قنص الحقيقة المطلقة التى أنهى مقالته بأنها «متجذرة فى فلسفة الدكتاتور أفلاطون».

غير أن فى فلسفة أفلاطون جوانب أخرى تدفع إلى البحث عن تفسير لإيمانه بوجود حقائق مطلقة غير الدكتاتورية التى كان هو أيضاً من نبه إلى أخطارها، ولكن دون أن يسميها بهذا الاسم. فقد كان أفلاطون رائداً فى تصنيف أنظمة الحكم وتبيان الاختلاف بينها، أو بين ما سماه «أنواع السياسات». ولذلك ربما جاز لنا بشىء من المبالغة أن نعتبر كتابه الأشهر «الجمهورية» هو أول إرهاص للعلم السياسى الذى عرفه العالم بعده بنحو 23 قرناً من الزمن.

وهو يميز بين السياسة الفاضلة التى تقوم على أساس ديمقراطى، والسياسة الكرامية التى تعتمد على حاكم يبدو للناس بطلاً وشجاعاً، والسياسة الأوليجاركية التى تستند على حكم القلة. ويوضح أن التسلط غالب فى السياستين الكرامية والأوليجاركية بخلاف الحال فى السياسة الفاضلة.

ويروى كيف يمكن أن تتحلل المدينة الفاضلة (الديمقراطية) عندما يظهر فيها من يبدو قائداً مقداماً لا يلبث أن يعتمد على حلقة ضيقة تحيط به. وإحدى أهم الخلاصات التى يصل إليها أنه ليس هناك أسعد من الملك الفاضل (الديمقراطى)، ولا أشر من حالة التسلط.

وقد ثبت عبر الزمن المديد الذى يفصلنا عن أفلاطون أن البشر احتاجوا إلى قرون طويلة لإدراك هذا الذى استخلصه أفلاطون مبكراً جداً، غير أن إحدى سمات تطور البشرية، الذى مر فى طرق متعرجة ووعرة، أن الشعوب لا تتعلم من تجاربها، وأن الوعى العام ينمو بشكل تدريجى بطىء.

ولذلك لم يتعلم من أفلاطون شعوب العالم التى لم تدرك بعد شرور التسلط لأن تجاربها لم تؤد الى تراكم الوعى بها، أما من أدركوا هذه الشرور، وتخلصوا منها، فقد تعلموا من تجارب تاريخية مؤلمة مروا بها، وليس مما أعلمنا أفلاطون به.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور» ماذا يُعَّلمنا «الدكتاتور»



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon