لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة
أخر الأخبار

لبنان... سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة

لبنان... سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة

 لبنان اليوم -

لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة

مصطفي فحص
بقلم: مصطفي فحص

تُتقن منظومة السلطة في لبنان سياسة المراوغة وتسويف الوقت والمواقف، وبرغم انهيار الدولة ومؤسساتها لم تزل ترهن الداخل برهانها على الخارج، لعل التسويات الإقليمية المتسارعة تنعكس انفراجة على لبنان، تأخذ بعين الاعتبار مقاربتها للاستحقاقات الرئاسية والمعالجات الاقتصادية، وتمكنها من القفز فوق المطالب الإصلاحية، التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني، والتي باتت مرتبطة كثيراً بكيفية إنهاء الفراغات الدستورية. أمام هذه المراوغة المدروسة والمرتبطة كليّاً بالخارج، يمكن القول إنه لا شيء يوحي باقتراب انفراج الأزمة السياسية في لبنان، فما بين الضغوط الإقليمية والدولية والتعقيدات الداخلية يستمر الانسداد السياسي، وتتسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي، فيما المعالجة الاقتصادية لم تتجاوز محاولات ضبط انخفاض سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي، بينما الإدارة السياسية لهذا الملف تستثمر جهودها وطاقتها في كيفية الالتفاف على الشروط الإصلاحية التي وضعها صندوق النقد الدولي، وهذا ما دفع القوى المهيمنة على السلطة داخل المنظومة إلى الرفض العلني للربط بين السياسة والاقتصاد.
بالرغم من إدراك المنظومة أهمية تماسك أعضائها في المرحلة المقبلة حتى تخرج من هذه الاستحقاقات بأقل الخسائر، وتحافظ على مواقعها وامتيازاتها، فإن صراعاتها كشفت عن تباينات كبيرة في مقاربتها للاستحقاقات الدستورية ستؤدي إلى مزيد من التعطيل والفراغ، خصوصاً بعد الكلام الأخير لرئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية النائب محمد رعد، الذي اتهم الولايات المتحدة الأميركية بأنها تريد مرشحاً رئاسياً ذا خلفية اقتصادية. وتساءل رعد: «ماذا يعني أن لديه خلفية اقتصادية؟ يعني أن البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النقد الدولي، لمصلحة التعليمات والتوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الاستكباريون للعالم من خلال هذه المؤسسات الاقتصادية الدولية».
يمكن ربط موقف رعد بمسألتين، الأولى محاولة تملص «حزب الله» والمنظومة الحاكمة من توصيات صندوق النقد الدولي، والالتفاف على ما جاء في تقريره الأخير حول مخاطر الوضع الاقتصادي في لبنان، أما المسألة الثانية وهي طبعاً مرتبطة بالأولى فهي محاولة لقطع الطريق على من يمكن أن يطرح تسوية رئاسية من منطلق اقتصادي، أي التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية من خلفية اقتصادية، وهذا طبعاً غير متوفر في مرشح الثنائي الشيعي، ما يعني أن «حزب الله» بصفته الحزب المهيمن على الدولة والسلطة ليس في وارده تقديم أي تنازلات سياسية أو اقتصادية، مهما بلغت درجة الأزمة أو طال زمن الفراغ.
تصلب المنظومة في مواجهة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية نابع من متانة تحالفاتها الإقليمية، وقد باتت تبني مواقفها على ما يمكن أن تعكسه حركة التسويات الإقليمية التي تجري لأول مرة بعيداً عن عيون واشنطن، وهذا ما يتيح لها الحفاظ على مواقعها وامتيازاتها على خلفية الانفراجة الإقليمية بعد الاتفاق الإيراني السعودي في بكين، وعلى واقع حديث جدّي عن اقتراب عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، واحتمال دعوة بشار الأسد إلى قمة جدة الشهر المقبل.
عملياً، يتصرف «حزب الله» من موقع المستقوي بتحالفاته السورية الإيرانية، وأنها ستصب في مصلحته الداخلية، وستؤثر مباشرة على الاستحقاقات السياسية التي ستعالج الأزمة الاقتصادية، لذلك يتمسك بمرشحه لرئاسة الجمهورية، الذي تتبناه باريس، ورغم إصرار الرياض وواشنطن على المواصفات والمعايير وعدم طرح الأسماء، فإن الحزب ومن خلفه منظومة السلطة يراهنان على الحراك الإقليمي، ودور موسكو وبكين في تليين موقف الرياض، وتقليص دور واشنطن في الاستحقاقات اللبنانية.
وعليه، فإن المنظومة تستمر بقراءتها المجتزأة للحراك الإقليمي وفقاً لمقاساتها بعيداً عن الواقع الحقيقي الذي تمر به العواصم المتحالفة معها، التي هي بأمس الحاجة إلى التهدئة والاستقرار نتيجة أوضاعها الداخلية القابلة للاشتعال في أي لحظة، وظروف خارجية مرتبطة بعقوبات دولية، لا يمكن تجاوزها في أي عملية تطبيع معها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 16:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يوتيوب يختبر ميزة جديدة تمكنك من تمرير الفيديوهات الطويلة

GMT 08:59 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

قائمة بأكثر سيارات الكروس شعبية في السوق الروسية لعام 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon