فيينا اليوم التالي بعد الفشل

فيينا... اليوم التالي بعد الفشل

فيينا... اليوم التالي بعد الفشل

 لبنان اليوم -

فيينا اليوم التالي بعد الفشل

بقلم: مصطفى فحص

ستبحث الدول المشاركة في مفاوضات فيينا النووية مع إيران عن مخرج لفشل المفاوضات، لكن نظراً لطبيعة هذه المفاوضات، من المستبعد أن تُعلن نهايتها، لأن ذلك يعني نهاية الحلول السلمية والذهاب إلى خيارات أخرى. ورغم اللغة المتشددة التي استخدمها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء الفائت، حيث حذر طهران من رد فعل بلاده وحلفائها، وأنهم مستعدون للتصرف إذا فشلت المفاوضات، فإنه في التصريح نفسه أكد على «الاستمرار حتى الآن في اتباع الدبلوماسية لأننا نراها الخيار الأفضل».
وبما أن الإدارة الأميركية المعنية الأولى بالمفاوضات النووية مع إيران، ترى الأفضل في اتباع الدبلوماسية، فإن خياراتها الجديدة ستبقى مستبعدة جداً ومحدودة أيضاً، فهذه الإدارة التي تلوح الآن باستخدام القوة، كانت قد وجهت انتقادات لاذعة للإدارة الأميركية السابقة بسبب تطبيقها لنظام العقوبات القصوى على طهران، كما أنها غمزت أكثر من مرة من قناة إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بسبب قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، معتبرة أنه لا الانسحاب ولا العقوبات دفعا إيران إلى التراجع عن مشروعها النووي.
من الواضح أن إدارة الرئيس جو بايدن شبه مقيدة في كيفية التصرف مع إيران، خصوصاً أنها تعتقد أن العقوبات لن تؤدي إلى نتيجة ملموسة، فهل تصبح مضطرة لاستخدام أدوات ضغط غير تقليدية إذا استمرت طهران في تصلبها؟! حتى الآن لم يتغير أداء إيران التفاوضي، وتستمر في التعنت وتسويف الوقت، وكل ما تقوم به ينحصر في عملية التراجع المدروس في إطار مناورة محدودة لاستهلاك كامل للوقت بهدف إرهاق المفاوضين ودفعهم إلى القبول بالقليل الذي يمكن أن تعطيه، حتى يحولوه إلى إنجاز يجنبهم مواجهة لا يرغبون فيها.
هذه المعضلة تفتح تساؤلاً صعباً عما يمكن أن تقوم به واشنطن في اليوم التالي لإعلان فشل المفاوضات، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن خيارات عسكرية، وهي على الأرجح ضد منشآت نووية إيرانية، بهدف منعها من تطوير قدراتها النووية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل الضربة المفترضة إن حصلت ستكون قاضية على غرار ما جرى مع مفاعل تموز العراقي وموقع الكبر النووي السوري؟! مع العلم أن لدى البنتاغون ما يكفي من معلومات عن توزيع المنشآت النووية الإيرانية وما تنتجه، ما يعني أن الضربة ستعطل المشروع النووي الإيراني لكن لن تقضي عليه، وهذا ما سيعقد المهمة ويعطي ذريعة لإيران للانسحاب نهائياً من المفاوضات، وإطلاق العنان للمشروع النووي بوتيرة أسرع ومن دون قيود حتى تصل إلى نسب تخصيب مرتفعة جداً تجعلها قاب قوسين من امتلاك سلاح نووي، أو قدرات نووية تعيدها أكثر صرامة إلى طاولة المفاوضات.
معضلة التعامل مع التصرفات الإيرانية تعزز الاعتقاد بأن فشل جولة المفاوضات الحالية بالنسبة للمنطق الذي تتبناه إدارة بايدن ليس نهاية المطاف الدبلوماسي، ولا يعني بالضرورة أن تستخدم واشنطن القوة ضد طهران، أو أن تسمح لطرف ثالث باستخدامها، ففي أكثر من تصريح لمسؤولين أميركيين صدر بالتزامن مع هذه الجولة من المفاوضات، لفتوا إلى عدم اعتقادهم بوجود هجوم إسرائيلي وشيك على طهران، وربطوا التصعيد الإسرائيلي بسعي تل أبيب للحصول على شروط أكثر صرامة في صفقة نهائية مع إيران.
الحاضر الأبرز في هذه الجولة التفاوضية وزارة الدفاع الأميركية، التي دخلت على خط الدبلوماسية الخشنة واعتبرت أن مفاوضات فيينا مع إيران غير معروف نهايتها بالنسبة لها، مشددة على أن إيران تواصل تطوير برنامجها الصاروخي، ولا تزال تهدد الملاحة البحرية في الخليج، معيدة إلى الواجهة سلوكها الذي يزعزع استقرار المنطقة.
وعليه لم تزل واشنطن حائرة في خياراتها، وتفضل إبقاء شعرة «معاوية» بينها وبين طهران، فهي جنت على نفسها عندما تراخت معها وأحرجت نفسها عندما قررت الضغط عليها، لذلك فإن اليوم التالي بعد فشل المفاوضات سيكون كما سبقه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا اليوم التالي بعد الفشل فيينا اليوم التالي بعد الفشل



GMT 23:18 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 23:14 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

بين هاريس وترمب... نصيحة البابا

GMT 23:10 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

"بيبي" يريد مزيدا من الدمّ بدل قليل من السياسة

GMT 23:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

لبنان... الأردن... سوريا: إصلاح أم إفناء؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

هل تتوسع الحرب على لبنان؟

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 20:11 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هواوي تعلن رسميا إطلاق لاب توب Huawei MateBook 14

GMT 10:18 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:58 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الوصفات لعلاج تقصّف الشعر في الشتاء

GMT 21:17 2023 الإثنين ,20 آذار/ مارس

إطلالات عملية تناسب أوقات العمل

GMT 14:59 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

ملابس عليك أن تحذرها بعد الوصول للثلاثين

GMT 13:01 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام

GMT 15:04 2023 الأحد ,07 أيار / مايو

الأطفال في لبنان بقبضة العنف والانحراف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon