لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

 لبنان اليوم -

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

جريمتان؛ واحدة طبيعتها الأمنية واضحة والمشتبه به واضح، وتحمل علامات استخباراتية (الموساد الإسرائيلي) على أدلّتها الجنائية، والأخرى تبدو جنائية ولكنها تحمل علامات سياسية على أدلتها الجنائية. حادثان أمنيان كُشف عنهما من دون الكشف الواضح والشفاف عن ملابساتهما، فما بين تصفية المصرفي اللبناني محمد سرور الذي ينتمي إلى «حزب الله» والموضوع على قائمة العقوبات الأميركية بتهمة تسهيل نقل أموال إيرانية لحركة «حماس»، الأرجح على يد عملاء الموساد، وبين تصفية المسؤول في القوات اللبنانية باسكال سليمان على يد عصابة سرقة منظمة، وفق الرواية الرسمية، فإن لبنان دخل مرحلة فوضى أمنية قد تُحوِّله إلى ساحة تصفية حسابات داخلية وخارجية، ستؤدي إلى خلط «الحابل بالنابل»، وتدفع الشارع إلى فتنة لم تعد بحاجة إلى من يوقظها.

الأولى كشفت عن أن استخبارات إسرائيل تتحرك في الداخل اللبناني بحرّية، وليس مستبعَداً أن تكون لديها قائمة مستهدفين، وليس ضرورياً أن يكونوا عناصر في «حزب الله» فقط، بل يمكن أن يكونوا من الفصائل الفلسطينية، فتل أبيب فتحت من لبنان معركة تصفية كلّ من تشتبه أن لديه صلة بعملية «طوفان الأقصى»، واغتالت القيادي الحمساوي صالح العاروري، وهي على الأغلب تريد تطبيق نموذج ميونيخ؛ أي تصفية كل من كانت له علاقة بتلك العملية، والذاكرة اللبنانية مع الموساد الإسرائيلي مملوءة بمحطات خطيرة؛ من عملية فردان 1973 إلى اغتيال علي حسن سلامة 1979 وغيره من القادة الفلسطينيين واللبنانيين.

في الجريمة الثانية، لا تزال الرواية الرسمية اللبنانية عن ملابساتها غير مقنعة لجزء كبير من اللبنانيين، وهذا سببه أن جرائم كبيرة وقعت في السنوات الأخيرة، أو للحصر منذ انفجار مرفأ بيروت مروراً بلقمان سليم وجو بجاني وإلياس الحصروني، وصولاً إلى باسكال سليمان. لم تصل التحقيقات إلى أي نتيجة تساعد مَن تبقّى من القضاء على تقديم اتهامه؛ فالتحقيقات في هذه الجرائم إمّا مهمَلة، وإما شبه مغلقة، وإمّا قُيدت ضد مجهول، ولكن بالنسبة إلى أولياء الدم فإن هذا المجهول معلوم، وبات المشتبه الأول الذي توجّه إليه الاتهام قبل نهاية أي تحقيق، لأن هناك قناعة عامة بأن أي تحقيق لن ينتهي إذا كانت الجريمة تحمل شبهة سياسية.

ففي بلد منقسم أفقياً وعمودياً ومناطقياً وطائفياً، لم يعد ممكناً إقناع ذوي المجني عليهم ببراءة من يتهمون أو عدم توجيه اتهامهم قبل انتهاء التحقيق، خصوصاً إذا كانت تصرفات المشتبه به مريبة، ولكثرة الارتياب وحالات التجني فإن اللبنانيين فقدوا الثقة بأغلب مؤسسات دولتهم، ويدفعون الآن ثمن تغييبها وتعطيل أجهزتها أو مصادرة قرارها، فردّ الفعل على مقتل باسكال سليمان يكشف مستوى الطلاق بين الجماعات اللبنانية ورفض الآخر، حيث يصبح القابض على ما تبقى من العيش المشترك كالقابض على الجمر.

إقليمياً، كل المؤشرات حتى الآن تؤكد حتمية الرد الإيراني على إسرائيل، انتقاماً لضربة دمشق، الأمر الذي يضع ما تبقى من استقرار في لبنان والمنطقة على كفّ الرد، وما يزيد المخاطر الإقليمية تلميح الولايات المتحدة إلى إمكانية انخراطها في الرد الإسرائيلي على الانتقام الإيراني، وهذا يكفي تل أبيب ويدفعها بعد رفع الضغوط الأميركية عنها إلى توسيع المواجهة إقليمياً وتحويلها مباشرةً مع إيران على الرغم مما تحمله من عواقب إقليمية وخيمة على الجميع، ليصبح لبنان دولةً وشعباً رهينة الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني، واحتمالية توسيع المواجهة على الحدود الجنوبية أو في الجولان المحتل، إذ سيصبح لبنان تحت تأثير عاملين: الأول حجم انخراط «حزب الله» في الرد الإيراني وما سيتلقاه من الرد على الرد، والآخر جحم التدخل الأميركي من جهة، ومن جهة أخرى رفع قيوده التي وضعها على تل أبيب فيما يخص جبهة لبنان.

من الإقليمي إلى المحلي، هناك «طوابير خامسة» داخلية وخارجية تسعى إلى تنفيذ سيناريو أمني، أي فوضى أمنية متنقلة بين المكونات اللبنانية وبين اللبنانيين واللاجئين السوريين، مما سيجعل من الأبرياء ضحايا لا ناقة لهم ولا جمل، وسيسمح للملثمين بالوصول إلى أهدافهم خصوصاً أن كل اللبنانيين مكشوفون وباتوا أهدافاً سهلة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon