أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب
أخر الأخبار

أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب

أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب

 لبنان اليوم -

أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

افتراضياً، لم يتطرق المسؤول الأميركي الكبير في مؤتمره الصحافي بعد إعلان خروج آخر جندي أميركي من العراق إلى دور بعض دول جوار العراق في أمنه واستقراره السياسي، وكيفية تدخلاتها في شؤونه الداخلية وهي تختلف بشكل متفاوت بين دولة وأخرى. ولكن الخروج الأميركي سيتيح لبعض هذه العواصم الفرصة لتدخل أكثر وبشكل مباشر تحت ذريعة الحسابات الحدودية والعرقيّة، فبالنسبة للشخصية الكردية التي كانت تستمع إلى حديث المسؤول الأميركي «الافتراضي»، فإن الانسحاب الأميركي هو نهاية التوازن الذي كانت تفرضه واشنطن على جميع اللاعبين الخارجيين في الداخل العراقي، فمهما وصلت قوتهم أو حجم نفوذهم، فإنه كان ممنوعاً عليهم في كثير من الأحيان تخطي بعض الخطوط الحمر الأميركية وليس كلها، فواشنطن قبل خروجها «الافتراضي» أو بعده، كثيراً ما غضت الطرف عن تجاوزات دول جوار العراق إذا كان ذلك لا يمسها استراتيجياً.

من طهران إلى أنقرة يتصرف هذا الثنائي وفقاً لمصالح دولته العليا، مستغلاً إمكاناته وموقعه الجغرافي في التعاطي مع جوار ضعيف مثل العراق، ويستغل بؤر التوتر في شماله الشرقي وشماله الغربي التي أسهم في إبقاء توتراتها من أجل تصدير أزماته الداخلية إليها أو تحويلها إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية. فأنقرة لا تختلف عن طهران عندما تتعامل مع مخاطر تعدها تمس أمنها القومي، فالأخيرة ضربت بشكل مباشر أهدافاً خارج حدودها في سوريا والعراق وباكستان وبطريقة غير مباشرة في اليمن، أما أنقرة فهي أيضاً تضرب أهدافاً تمس أمنها في سوريا والعراق وبطريق غير مباشرة في أرمينيا، ولكن القاسم المشترك لهذا الثنائي (إيران - تركيا) في ضرباتهما داخل العراق كان ولم يزل الهاجس الكردي الذي يؤرقهما منذ قيام دولتهما الحديثة منذ قرن تقريباً.

من أنقرة إلى طهران يبقى القلق من المسألة الكردية الثابت الأكثر حضوراً في العلاقة المصلحية بين البلدين، فطهران التي قصفت أربيل أكثر من مرة وقتلت أبرياء تحت ذريعة استهداف مركز للموساد، كانت رسائلها أكثر داخلية لأربيل للحد من علاقاتها الخارجية وسعياً إلى مزيد من إخضاعها للحكومة المركزية والمحكمة الاتحادية في بغداد، إضافة إلى أنها اختارت أربيل لتنفيس الاحتقان الداخلي بعد فشلها أمنياً في وقف الاستهدافات شبه المجهولة لمراكز حيوية داخل إيران تُرجح المعطيات أنها بيد إسرائيلية. أما أنقرة التي قامت سابقاً بضرب أهداف عدة قرب مدينة السليمانية فلم يتوقف نشاطها العسكري المباشر في المناطق الحدودية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الذي تصنفه إرهابياً، فيما قواعدها العسكرية تعمل بشكل ناشط وعلني في شمال العراق.

في الحسابات التركية تبدو السليمانية أقرب إلى طهران، التي في نظر أنقرة قد أفسحت المجال لعمل تنظيم (بي كي كي) في سوريا والعراق ضد مصالحها ومصالح حلفائها خصوصاً في سوريا، وأن الضغط على السليمانية والتهديد بعملية عسكرية واسعة في منطقة جبل قنديل أمران مرتبطان أولاً بالانتخابات التشريعية التركية وتوجه الحزب الحاكم إلى استمالة التيار القومي الذي لديه حساسية مفرطة من المسألة الكردية في الداخل والخارج، كما أنه جزء من محاولات أنقرة إعادة التوازن بين جناحي الإقليم؛ خصوصاً أن علاقتها بأربيل المحاصرة إيرانياً وبغدادياً مستقرة وأكثر من جيدة، ولا يمكنها في حال حدوث الفراغ الأميركي أن تترك لطهران ملأه وحدها في كردستان العراق، لذلك فإن الضغط على السليمانية القريبة من طهران والحليفة لفصائلها المسلحة سيكون جزءاً ولو محدوداً من إعادة ترميم التوازنات في إقليم كردستان العراق.

من أنقرة إلى بغداد وصل وفد حكومي تركي للتهيئة لزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المرتقبة إلى بغداد في شهر أبريل (نيسان) المقبل، يسبقها تهديد بعمل عسكري واسع قد يحظى هذه المرة بغض طرف أميركي. حيث تطمح تركيا إلى تأمين (طريق التنمية) التي تربطها بدول الخليج العربي عبر العراق ومنه إلى أوروبا، وهذا يرتبط بمصالح تجارية واقتصادية كبرى بين أنقرة وبغداد وأربيل حيث تدخل معادلة النفط مقابل المياه، إضافة إلى أوراق ضغط كبيرة تمتلكها أنقرة لحماية أمنها ومصالحها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب أنقرة وكردستان العراق في اليوم التالي للانسحاب



GMT 20:16 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 05:31 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

التعلم بالتعليم

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

لكن من يُصلح الخطاب الديني؟

GMT 05:25 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

... عن وحدة المجازر في منطقتنا

GMT 05:21 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

المُتحولون... وحُكم القانون

GMT 05:17 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

جدول أعمال المستقبل 2030

GMT 05:14 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السياسات الجمركية وتحوّر «العولمة»

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مجوهرات راقية مصنوعة من الذهب الأبيض الأخلاقي

GMT 20:53 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

المسرح الوطني اللبناني يحتفي باليوم العربي للمسرح

GMT 13:50 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

دليل "عالم المطاعم في أبوظبي" من لونلي بلانيت

GMT 09:42 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

مصادرة صهريج مازوت في صور

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 17:40 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

طاقة متجددة في كل خطوة مع أحدث اصدارات أديداس الأيقونية

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 19:08 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الجزائري مبولحي يخضع لبرنامج تأهيلي في فرنسا

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon