جذر إسلامي للعلمانية موقف ابن حنبل في المحنة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

جذر إسلامي للعلمانية: موقف ابن حنبل في المحنة

جذر إسلامي للعلمانية: موقف ابن حنبل في المحنة

 لبنان اليوم -

جذر إسلامي للعلمانية موقف ابن حنبل في المحنة

بقلم - خالد الدخيل

أعود اليوم - المرة الخامسة أو السادسة- إلى موضوع الجذر الإسلامي للعلمانية. وسيقتصر اهتمامي في هذه المقالة، وإن باختصار أرجو أن لا يكون مخلاً، على موقف الإمام أحمد بن حنبل من مسألة القول بخلق القرآن. فمن المعروف أن الإمام أحمد كان من بين أبرز الفقهاء الذين تعرضوا لما بات يعرف في التاريخ الإسلامي بمحنة القول بخلق القرآن. وهي المحنة التي بدأها الخليفة العباسي المأمون عام 218هـ، واستمرت من بعده في عهد الخليفة المعتصم، لتنتهي بنهاية خلافة الواثق. وكان موقف ابن حنبل في هذه المحنة نموذجاً للموقف السلفي من هذه المسألة. يتضح ذلك من مجريات المحنة التي تعرض لها بين علماء كثر غيره. فعندما سئل «ما تقول في القرآن؟» أجاب «هو كلام الله»، ثم سئل تحديداً «أمخلوق هو» فأجاب بقوله: «هو كلام الله لا أزيد عليه». ثم سئل عن معنى «ليس كمثله شيء». فأجاب ابن حنبل ببقية الآية «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير». عندذاك سئل «ما معنى قوله {سميع بصير}؟ قال: «هو كما وصف نفسه». ولأن ما كان يجرى امتحان، سئل عن معنى هو كما وصف نفسه. فقال: «لا أدري. هو كما وصف نفسه».

لم يتزحزح ابن حنبل عن موقفه هذا قيد أنملة في كل حالات الامتحان التي تعرض لها. وتقول المصادر إنه تعرض للسجن، وأحياناً للضرب بالسياط حتى غاب عن الوعي. حصل ذلك في عهد الخليفتين المعتصم والواثق.

تمسك ابن حنبل بموقفه هذا نابع من أنه موقف عقدي يتعلق بالإيمان والتوحيد. فالقول بخلق القرآن في رأيه يخل بإيمان العبد ويثلم أساس التوحيد عنده، وهو رأي يتصادم مع رأي الخليفة. وقد خاطب مرة المعتصم، أثناء الامتحان في ما يدعونه إليه بقوله: «لا من كتاب الله ولا من سنة نبيه؛ تأويل تأولوه ورأي رأوه. وقد نهى النبي (ص) عن الجدال في القرآن لأن المراء في القرآن كفر، ولست صاحب مراء ولا كلام (إشارة إلى علم الكلام)، وإنما أنا صاحب آثار وأخبار».

موقف الإمام أحمد طبيعي ومتسق، يستند كما هي قناعته إلى معطيات دينية خالصة مستمدة مباشرة من القرآن والسنة. بعبارة أخرى هذا موقف ديني خالص. لكن بما أن المحنة كانت تجرى بأمر من الخليفة وبإشرافه، وأحياناً أخرى تجرى على يد الخليفة نفسه، فما هو الموقف السياسي لابن حنبل من الخليفة في هذه الحال؟ فالخليفة رجل سياسة. وحملة امتحان الفقهاء التي قام بها الخلفاء الثلاثة في القول بخلق القرآن، وإن كانت في أصلها مسألة عقدية (أيديولوجية)، إلا أنها لا يمكن في مثل هذه الحال أن تخرج عن سياسة الحكم وأهدافه، كما حددها الخليفة المأمون، باعتباره أول من أطلقها وحدد مسارها وأهدافها. وقد أبان هذا في شكل واضح الكاتب الأردني الدكتور فهمي جدعان في كتابه المميز عن الموضوع (المحنة: جدلية الديني والسياسي في الإسلام). مبرر السؤال عن الموقف السياسي لابن حنبل هنا أن هذا الإمام يرى من الناحية الدينية (العقدية) أن القول بخلق القرآن كفر. وبالتالي من الطبيعي أنه رفض القول بذلك وتمسك به، على رغم قسوة الامتحان الذي تعرض له. لكن الذي كان يقول بخلق القرآن هو الخليفة. والأكثر من ذلك أن هذا الخليفة لم يقتصر في موقفه من هذه المسألة على نفسه، بل عمل على إجبار الفقهاء ورجال الدين وإرغامهم على الأخذ بموقفه، وتبني القول إن القرآن مخلوق. وقد اتبع في ذلك كل الوسائل، بما في ذلك الترهيب والتعذيب، وأحياناً القتل. ولعله من الواضح أن موقف الخليفة هذا تتداخل فيه الأبعاد الدينية والسياسية. فماذا ينبغي أن يكون عليه الموقف السياسي لرجل الدين من الخليفة (ولي الأمر) في هذه الحال، وتحديداً من مسألة طاعته أو الخروج عليه؟ بعبارة أخرى، متى يجوز رفض طاعة ولي الأمر، والخروج عليه؟

تنبني الإجابة عن هذا السؤال في المدرسة السلفية، وابن حنبل أمام أهل السلف، على شرطين. الأول أن يروا من ولي الأمر كفراً بواحاً لديهم فيه من الله برهان. والثاني أن تتوافر لديهم القدرة على تغيير ولي الأمر من دون الانزلاق إلى فتنة واضطراب في حبل الأمن والاستقرار.

وقد وضعت مجريات المحنة ابن حنبل عملياً أمام هذا السؤال الحرج والخطر. فماذا كانت إجابته عنه؟ يذكر جدعان في كتابه الرواية التالية، عن موقف ابن حنبل من هذه المسألة. تقول الرواية إنه في عهد الواثق، آخر خلفاء المحنة، جاء نفر من فقهاء بغداد إلى أحمد بن حنبل وقالوا له: «إن الأمر (محنة القول بخلق القرآن) قد فشا وتفاقم. وهذا الرجل (الخليفة الواثق) يفعل ويفعل، وقد أظهر ما أظهر. ونحن نخافه على أكثر من هذا. فقال لهم ابن حنبل: «وماذا تريدون؟ قالوا: لا نرضى بإمرته ولا بسلطانه. فناظرهم أبو عبدالله ساعة، حتى قال لهم: أرأيتم إن لم يبق لكم هذا الأمر، أليس قد صرتم من ذلك إلى المكروه؟ عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء المسلمين معكم. انظروا في أمركم، ولا تعجلوا. واصبروا حتى يستريح برٌّ، ويستراح من فاجر... قال له بعضهم: إنا نخاف على أولادنا إذا ظهر هذا (إذا انتشر القول بخلق القرآن)، لم يعرفوا غيره ويمحى الإسلام ويدرس. فقال أبو عبدالله (ابن حنبل) كلا، إن الله عز وجل ناصر دينه. وإن هذا الأمر له رب ينصره، وإن الإسلام عزيز منيع» (المحنة، ص 158ـ159).

ربما كانت أحداث المحنة، وموقف ابن حنبل منها، بشقيه الديني والسياسي، من أهم المصادر التي تبلور على أساس منها الموقف السلفي من مسألة طاعة ولي الأمر، وحدودها، ومتى يجوز الخروج عليه. وتهمّنا هنا ملاحظة أن مبنى الشرط الأول لهذه المسألة (الكفر البواح) هو مبنى عقدي- ديني، لاعتبارات ومعطيات دينية خالصة. في حين أن مبنى الشرط الثاني (طاعة ولي الأمر حتى مع وجود الكفر) هو مبنى سياسي- دنيوي، لاعتبارات ومعطيات تتعلق بأمن المسلمين واستقرار مجتمعاتهم، وهي اعتبارات سياسية خالصة. وهذا تحديداً ما فعله ابن حنبل أثناء مجريات المحنة؛ فهو من ناحية كان يكفر القول بخلق القرآن، وهو موقف تمسك به، وتحمل في سبيله الترهيب والتعذيب. ومن ناحية ثانية لم يجز الخروج على الخليفة الذي لم يكتفِ بالقول (الكفري) بخلق القرآن، بل عمل على فرضه على رعيته بقوة سلطانه وجبروته، غير مكتف بأطروحاته وتخريجاته الدينية لهذا الموقف. في هذه الحال، نحن أمام موقف يأتينا من القرن 3هـ/9م يفصل الدين ومقتضياته عن السياسة والدولة ومقتضياتها. وهو موقف يمكن القول إنه يعكس صيغة علمانية إسلامية مبكرة، يعبر عما تمتاز به المدرسة السلفية بمرونة فقهية سياسية تتساكن مع تشدد عقدي. كيف يمكن تفسير ذلك، وقبله تفسير موقف ابن حنبل في المحنة؟ وهل لهذا الموقف سوابق وتوابع تاريخية؟ ثم ما هي المنطلقات النظرية لهذا الموقف؟ للحديث بقية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جذر إسلامي للعلمانية موقف ابن حنبل في المحنة جذر إسلامي للعلمانية موقف ابن حنبل في المحنة



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon