تقديم المحلي على الإقليمي
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

تقديم المحلي على الإقليمي

تقديم المحلي على الإقليمي

 لبنان اليوم -

تقديم المحلي على الإقليمي

بقلم : خالد الدخيل

استضاف الجامع الأزهر الأسبوع الماضي ما بدا أنه مؤتمر عن الأحوال المأسوية التي يمر بها العالم العربي منذ ست سنوات إذا انطلقنا من بداية ثورات الربيع العربي، و13 سنة إذا انطلقنا من بداية الغزو الأميركي للعراق، وبداية توسع النفوذ الإيراني هناك. عقد المؤتمر تحت شعار «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل». وهو شعار جميل يعبر عن معادلة سياسية فكرية مستنيرة تقول بأنه ليست هناك مواطنة من دون حرية، من حيث أن الحرية حق طبيعي، والمواطنة حق مكتسب. وأن التنوع (المذهبي والديني) مدعاة بالتالي للتكامل والقوة، وليس للانقسام والتنافر والاحتراب من منطلقات مذهبية أو دينية.

ليس هناك أجمل ولا ألزم من هذا للتعبير عما تتطلع إليه المنطقة العربية في أيامها الحرجة التي تمر بها. تكامل مع هذا المعنى ما جاء في الفقرة الأولى من البيان الختامي للمؤتمر، الذي حمل اسم «بيان الأزهر»، مؤكداً معنى المواطنة، وعلى أن هذا المصطلح «أصيل في الإسلام، وقد شعَّت أنوارُه الأولى من دستور المدينة وما تلاه من كُتب وعُهود لنبيِّ الله -صلى الله عليه وسلم- يحدِّد فيها علاقةَ المسلمين بغير المسلمين، ويبادر الإعلان إلى تأكيد أن المواطَنة ليست حلاً مستورداً، وإنما استدعاءٌ لأول ممارسة إسلامية لنظام الحُكم طبَّقها النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي أول مجتمعٍ إسلامي أسَّسه هو دولة المدينة».

بما أنني تشرفت بدعوتي لهذا المؤتمر الكبير، وشاركت بإلقاء كلمة في جلسته الأولى، فقد تفاجأت بأن بيان الأزهر لم يتطرق، انطلاقاً من شعار المؤتمر ولا من مضامين فقرته الأولى، إلى الحال العربية كلاً، ولا إلى المأساة المركزية في هذه الحال، وهي حال تتمثل في بروز الطائفية وأولويتها كأساس للانتماء والهوية بين المسلمين أنفسهم قبل غيرهم، في مقابل الانتماء للدولة الوطنية. كما فوجئت بتجاهل البيان خطورة تفشي ظاهرة الميليشيات (السني منها والشيعي) كتعبير عسكري عنيف لهذا الاصطفاف الطائفي في المنطقة العربية.

ومن أبشع مظاهر هذا التعبير الحروب الأهلية التي تعصف بكل من العراق وسورية، ودور الدولة في هذه الحروب، وهي التي يفترض أنها دولة وطنية جامعة. بدلاً من ذلك، تركز اهتمام البيان على قضية أخرى فرعية، أي تفرعت عن القضية المركزية. وقد عبر البيان عن ذلك في ما خلص إليه في الفقرة الأولى ذاتها بالنص على أن «الأزهر ومجلس حكماء المسلمين ومسيحيِّي الشرق يلتقون اليومَ من جديد على الإيمان بالمساواة بين المسلمين والمسيحيين في الأوطان والحقوق والواجبات، باعتبارهم «أمّة واحدة، للمسلمين دينُهم وللمسيحيين دينهم»، اقتداءً بما نصَّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم– في دستور المدينة»، وهذا النص بحد ذاته وبمضمونه صحيح تماماً، ولا ينبغي أن يختلف عليه ولا على أهميته أحد، لكنه ليس أُسَّ المأساة التي تعصف بالمنطقة منذ عام 2003. على العكس من ذلك، فإن اختلال العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في منطقتنا هو في هذه المرحلة نتيجة مباشرة تفرعت عن الأزمة التي تمر بها العلاقة بين العرب المسلمين أنفسهم.

وبما أن بيان الأزهر انطلق في معالجته قضية المواطَنة والتنوع من «دستور المدينة»، كان ينبغي الالتفات إلى حقيقة أن شمولية مفهوم المواطنة في هذا البيان واتساعه لكل المكونات الدينية والاجتماعية لمجتمع المدينة آنذاك، إنما جاء مبكراً، أي بُعيد هجرة النبي مباشرة، وتعبيراً عن حقيقة أن المكون المسلم حينها كان متماسكاً وقوياً ولم ينقسم بعدُ إلى مذاهب ونحل متفرقة، على عكس الحال العربية الإسلامية حالياً، بما تعانيه من أسوأ وأخطر الانقسامات المذهبية التي عرفتها عبر تاريخها. ومن الطبيعي في هذه الحال أن تضطرب علاقة المسلمين والمسيحيين.

ومن ثم، فإن تحقيق المساواة «بين المسلمين والمسيحيين في الأوطان والحقوق والواجبات، باعتبارهم «أُمَّة واحدة...»، بما هو مطلب ملح في مشروعيته وضرورته، يتطلب أولاً تحقيق هذا المفهوم الوطني الشامل والمتسامح بين المسلمين أنفسهم، لأنهم هم من يمسك بزمام الحكم والدولة وليس غيرهم. ولن يتحقق الأمن والاستقرار وحفظ الحقوق والحريات للجميع في كل الدول العربية إلا عندما تصبح معادلة «الحرية والمواطنة... التنوع والتكامل» شاملة للجميع: المسلم والمسيحي، والسني والشيعي، والكاثوليكي والأرثوذكسي... إلخ، في ظل دولة وطنية لجميع مواطنيها من دون تمييز. البيان لا ينكر ذلك، لكنه لا يعترف بالسبب الحقيقي وراء أن المعادلة التي يقترحها أبعد ما تكون من التحقق من الزاوية التي يقترحها، وأن المنطقة غارقة في مشاريع طائفية وحروب أهلية قتلت وشردت الملايين، وأن محاولات لا تكل لتطبيع ظاهرة الميليشيات الطائفية كمنافس وبديل من الدول الوطنية الفاشلة. هذا واضح في حالات العراق وسورية ولبنان. ومع أن بيان الأزهر ينادي عن حق وبصيرة بالتخلي عن مفهوم «الأقليات» واستبداله بمفهوم المواطنة، تعبيراً عن المساواة والتكامل، إلا أنه تجاهل حقيقة أن المشروع الطائفي في المنطقة إنما يستند إلى «تحالف الأقليات»، وليس إلى شيء آخر، فحزب الله في لبنان بات بترسانته العسكرية أقوى من جيش الدولة، وينوب عنها بالتدخل العسكري خارج لبنان ضمن المشروع ذاته. وميليشيات الحشد الشعبي في العراق تم تشريعها كقوة عسكرية موازية للجيش الوطني للدولة، حتى النظام السوري بات يعتمد في بقائه على مثل هذه الميليشيات.

أمام هذه المأساة التي يمر بها العالم العربي، يصبح من الواضح أن أخطر ما يتهدد المواطنة والدولة الوطنية، وبالتالي الحرية والتعددية، يتمثل أولاً في الطائفية والمذهبية، وفي تفشي ظاهرة الميليشيات ثانياً. والهروب من مواجهة حقيقية ومباشرة لهذه الظاهرة بكل تجلياتها، يجعل من معادلة «الحرية والمواطنة... والتنوع والتكامل» مجرد أمنية تذروها الرياح العاصفة لمأساة المنطقة، التي إذا تركت لن تستثني المسلمين ولا المسيحيين.

السؤال: لماذا تجاهل بيان الأزهر حقيقة الواقع العربي واختار التركيز على جزئية متفرعة عنه؟ تكمن الإجابة في تقديم أزمة العلاقة بين الأقباط والمسلمين في مصر وكأنها أس الأزمة العربية، وهي ليست كذلك. والأرجح أن الدافع هنا هو اعتقاد أن تعويم مشكلة محلية على هذا النحو يخفف الضغط على الواقع المحلي المصري، ويوفر غطاء إقليمياً للدولة في تعاملها مع هذه الأزمة.

وإلى جانب أن هذا همش القضية المركزية والمأساة الناجمة عنها في المنطقة (الطائفية والميليشيات وارتباطها عضوياً بدور وسياسات الدول)، فهو ينخرط في الخطاب السائد الذي يحصر نقده وهجاءه في تطرف الحركات الدينية، ويبرئ الدولة وسياساتها من أي مساهمة في ذلك. ودونك ما يقوله البيان في فقرته الرابعة من أن «حماية المواطنين في حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم وسائر حقوق مواطنتهم... صارت الواجب الأول للدُّول الوطنية التي لا يصح إعفاؤها منها...». ثم يستطرد قائلاً: «ولا ينبغي بأي حال من الأحوال مزاحمة الدولة في أداء هذا الواجب، أياً كان نوع المزاحمة». كيف يستقيم أنه لا يصح إعفاء الدولة من واجبها وفي الوقت ذاته لا تنبغي مزاحمتها في أداء هذا الواجب «أياً كان نوع المزاحمة»، كأن الدولة مؤتمنة أما مواطنوها فليسوا مؤتمنين، بما يفضي إلى ارتباك مفهوم المواطَنة والدولة الوطنية.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقديم المحلي على الإقليمي تقديم المحلي على الإقليمي



GMT 04:32 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

لا حرب إيرانية - إسرائيلية

GMT 02:48 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

سورية مختلفة فعلاً

GMT 00:42 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

موقف أحمد ابن حنبل من الدولة

GMT 11:25 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كذبة الحرب الكبرى

GMT 08:49 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خيار الحريري و«حزب الله»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon