سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر

سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر

سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر

 لبنان اليوم -

سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر

جمال خاشقجي

التحديات الخارجية التي تواجه السعودية عدة، ولكنها أيضاً تواجه تحديات داخلية لا تقل بأساً وشدة، أهمها الفقر والبطالة.

في كوميديا سوداء، شرَح الفنان السعودي ناصر القصبي في مسلسله الشهير «سلفي» حال فقر وبؤس اجتمعتا على مواطن، يعمل حارس أمن، وانتهت الحلقة بغضبة المواطن البائس، يصرخ على رجال أعمال أثرياء طالما خدمهم، ولكنهم بالكاد يتذكرونه، يفقد أعصابه ويثور عليهم في فورة غضب غير محسوبة، بعدما سدت في وجهه احتمالات الخروج من دائرة الفقر التي يعيشها.

بعيداً عن الكوميديا، فإن الخروج من دائرة الفقر في المملكة صعب جداً على رغم ثراء البلاد وعطف حكومتها، التي تخصص بلايين لمساعدات الضمان الاجتماعي، ولكن كل هذه المساعدات قد توفر للفقير «الكفاف» الذي يحتاجه للعيش في حده الأدنى، ولكنها لن تخرجه من دائرة الفقر، فلماذا؟

لأن سوق العمل السعودية مشوهة، محتلة من ملايين الوافدين الذين يعملون في شتى الوظائف ويسيطرون على الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وهي الأعمال التي يخرج عبرها الفقراء إلى الاكتفاء، ومنه إلى موقع مناسب في «الطبقة المتوسطة» العريضة التي تشكل قوام كل المجتمعات الطبيعية، ومن ثم قد يجد بعضهم طريقه إلى الأعلى حتى الثراء.

لو جمع صاحبنا حارس الأمن القليل التعليم - الذي شاهدته غالبية السعوديين في «سيلفي» - بعضاً من المال، أو اقترضه من أحد صناديق دعم المبادرات، وقرر أن يلج سوق التجزئة آملاً بأن يجرب حظه في السوق والبيع والشراء، مثلما فعل أجداده من قبل وشكلوا الطبقة السعودية المتوسطة، فهل سينجح في ذلك؟

مثل غيره، سيبدأ من مشاريع تقليدية، وبقالة، وبيع حلويات، وتوصيل طلبات، وبيع مواد بناء، وهكذا بدأ أفضل التجار، وهكذا يفعل كل مغامر وطموح في أي بلد في العالم، سيجد صاحبنا أن السوق محتلة من أجانب، سبقوه إلى السوق فأصبحوا أفضل منه خبرة ومعرفة بأسرارها، كونوا شبكة معارف وخدمات في ما بينهم، ليسوا مواطنين ولا من أبناء قبيلته أو مدينته فيشاركونه الخبرة والنصح أو يقرضونه مثلما كان يفعل الأجداد، بل إنهم غير مستعدين لمجالسته فهو لا يعرف لغاتهم ولا عاداتهم، إنه الغريب في وطنه. أتخيل ناصر القصبي يمثل دور حارس الأمن وهو يجول في البطحاء بالرياض، يحمل في جيبه 50 ألف ريال هي كل ما يملك، يبحث عن متجر يستأجره، أو بضاعة يشتريها بالجملة، سيكون وحده هائماً لا يعرف أحداً، ولا يعرف لغة محدثيه، كأنه في لاهور أو داكا، تبتعد الكاميرا بالتدريج، ليظهر الحي، وتظهر المدينة، إنها الرياض ببرجي المملكة والفيصلية، تدخل الكاميرا أحد المكاتب هناك حيث يعمل سعوديون بوظائف مرموقة، هؤلاء السعوديون الآخرون، الذين تعلموا في الخارج، الحاصلون على شهادات عليا، أبناء علية القوم، مزدوجو اللغة، تعود الكاميرا إلى ناصر القصبي ينظر بعينين زائغتين إلى الوجوه الآسيوية التي تبيع وتشتري مع سعوديين وأجانب، تحمل بضاعة وتنزل أخرى، يوقعون عقوداً ويتبادلون أموالاً، تعود الكاميرا إليه وهو منكسر، أدرك أن لا مكان له هنا، ينظر بعيداً نحو أبراج رجال الأعمال البعيدة كأنه يقول: وما ذنبي أنا إن كنت قليل التعليم، هل قدري أن أبقى مجرد حارس أمن، أتقاضى فتات المال، من دون آفاق في تطور وظيفي حقيقي، علاوتي لا تزيد عن 200 ريال كل عام أو عامين، هل حان الوقت أن أستجدي بخشيشاً من كل رجل وسيدة أفتح لهما باب سيارتهما؟

لا، بل حان الوقت أن نحرر سوق التجزئة السعودية بالكامل، ليعود إليها كل سعودي لم يكمل تعليمه، أو ضاقت به سبل الرزق، ونحتمل كل تقصير وتعطيل سيمر بنا لسنوات قليلة، نتحمل أبناءنا وإخواننا المواطنين وهم يكتسبون الخبرة أو يستعيدونها، هكذا هي حال كل بلاد العالم، وهكذا ينبغي أن تكون السوق السعودية. حينها سنرى حارس حلقة «سيلفي» مبتسماً، وقد اصطحب معه ابنه إلى متجره، يصرخ فيه قائلاً: «انتبه يا واد على الدكان، أنا رايح لعمك صدقة، أتفاهم معه على بضاعة جديدة وراجع، فاهم يا واد».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر سعودي يريد الخروج من دائرة الفقر



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon