«الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030»
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

«الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030»

«الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030»

 لبنان اليوم -

«الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030»

بقلم : جمال خاشقجي

هل يمكن أن تنجح خطة التحول الوطني التي أعلنتها المملكة، والتي يفترض أن تحررها من الاعتماد على النفط، وتجعلها قوة اقتصادية عالمية، من دون إصلاحات سياسية وضخ كمية كافية من الديموقراطية في مؤسساتها، لتراقب الخطة وتحاسب منفذيها؟

تداول هذا السؤال أكثر من كاتب ومثقف ومنشغل بالرأي العام، على استحياء في مقالات صحافية، وبصراحة أكبر في المجالس، ولم ألتقِ صحافياً أجنبياً إلا وسألنيه، فكنت أجيب: «أنا شخصياً أفضّل لو تتم مراقبة ومحاسبة ومتابعة الخطة عبر وسائل ديموقراطية، كمجلس الشورى، ولكن بما أنني، بصفتي مواطناً، لن أحصل على ذلك، بل لا توجد رغبة شعبية أو ضغط نحو الديموقراطية في المملكة، والتي قاربت أن تصبح كلمة سيئة بين عموم السعوديين وهم يرون ما يجري حولهم، فإني سعيد ببرنامج KPI، «هذا المصطلح الجديد الذي دخل قاموسنا الشعبي، والمقصود به «قياس معدل الأداء»، والذي شرح بتفصيل أكثر في «إطار حوكمة تحقيق رؤية المملكة 2030»، والذي اعتمده أخيراً مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي ننظر إليه نحن - السعوديين - بمثابة حكومة مصغرة بصلاحيات واسعة، أنها خطة محكمة ومعقدة، ونشرت في كل الصحف السعودية أنها مراقبة تحقيق كل جهة حكومية أهدافاً محددة، سبق أن التزمت بها وحددتها بنسبة مئوية أو رقم، بعدما نسقت مع غيرها من الجهات الحكومية، لتتشكل معاً في خطة وطنية متكاملة، ثم تصب كل الأرقام والمواعيد في «المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة» الذي سيقوم بالمتابعة والمراقبة والمحاسبة، مع التزام الجميع بالشفافية، وكلها مصطلحات «ديموقراطية» موجودة في نصّي «رؤية 2030»، وخطة التحول الوطني المفضية إليها، ولكن لن يقوم بها «برلمان منتخب» وإنما مركز القياس المشار إليه.

أحب تبسيط الأشياء حتى أفهمها، وقبل أن أحاول إفهامها غيري، لذلك أتخيل ذلك المركز، كأنه غرفة عمليات، يتوسطه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بصفته رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن حوله الوزراء أعضاء المجلس، وغيرهم من الخبراء والفنيين المعنيين بالخطة، أمامهم مباشرة حواسب شخصية مرتبطة بقاعدة معلومات الغرفة، وعلى بعد أمتار منهم شاشات عدة، عليها رسوم بيانية وأرقام، عليها ما التزمت به كل وزارة وإدارة حكومية من «مستهدفات»، فيظهر على الشاشات ما تحقق منها، وما تأخر. أتوقع أن بإمكان رئيس المجلس أو غيره أن يعمل «زووم إن» على إحداها فتظهر تفاصيل أكثر توضح أسباب الخلل، وبالطبع هناك الوزير المعني الذي يفترض أن يشرح لماذا حصل الخلل؟ وكيف يمكن إصلاحه؟ إنه نظام كفيل بجعل كل وزير منكباً على عمله دؤوباً، ويحاسِب نفسه قبل أن يحاسَب.

فهل يمكن تحقيق شروط المراقبة والمحاسبة والشفافية من دون مجلس منتخب وديموقراطية لضمان نجاح خطة التحول والرؤية؟ أعتقد نعم، لكنها حال تخص السعودية دون غيرها من دول المنطقة، لخلفيتها الثقافية والمجتمعية القائمة على فكرة الحكم الإسلامي العادل، وأيضاً لأن غيرها فعل ذلك.

لنبدأ بالثانية، لقد أربكت الصين بنجاحها الاقتصادي الهائل حسابات المؤمنين بلزوم الديموقراطية شرطاً للنهضة، وأدى نجاحها إلى أن أصبح هناك «نموذج صيني» للحكم الناجح غير النموذج السائد (الديموقراطية الغربية)، لتحقيق الاستقرار والرخاء معاً، وطبّق نموذج بنجاح قريب منها في فيتنام الآسيوية، وبعيداً منها في بوروندي الأفريقية، ولا أستبعد أن يقفز قارئ سوداني محب لنظام الحكم هناك ويقول «ونحن أيضاً»، فالسودان لم يصل إليه ما وصل إلى جيرانه خلال أقسى ساعات الربيع العربي، والتفسير الوحيد الممكن هو نجاحات الحكومة الاقتصادية على رغم وجود معارضة معتبرة فيه.

تنقل مجلة «إيكونوميست» في تقريرها المطول الرائع عن الديموقراطية، (هذه هي المرة الثانية التي أشير فيها إليه، متمنياً أن يترجم للقارئ العربي)، عن أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفرد لاري سمر أن الولايات المتحدة في أزهى مراحل ازدهارها الاقتصادي ضاعفت «مستوى المعيشة» مرتين، لكنها احتاجت إلى 30 عاماً كل مرة، بينما فعلت ذلك الصين ثلاث مرات خلال الـ30 عاماً الأخيرة، وفعلتها في عقد واحد كل مرة. لذلك، تجادل النخب الصينية، كما ذكرت المجلة، أن نموذجهم التنموي الذي ينفذ بإحكام شديد من الحزب الشيوعي الحاكم، والمستند إلى بذل الجهد للبحث وتوظيف أصحاب المهارات العالية والدفع بهم نحو المواقع القيادية في الحزب، هو أكثر فاعلية من الديموقراطية وأقل عرضة لمآزقها، وتضيف أن القيادة السياسية في الصين تتغير كل عقد أو نحوه بتصعيد البارعين من معروض كبير من الكفاءات المبدعة.

ما لم تجب عليه «إيكونوميست»: لماذا نجحت الصين في ذلك ولم تنجح فيه روسيا، على رغم عرضها رسماً بيانياً يؤكد أن نسبة الروس الذين يفضلون الاقتصاد القوي على الديموقراطية الجيدة أكثر بأربعة أضعاف (20 في المئة تقريباً إلى 80 في المئة)؟ لعلها المبادئ الكونفوشيوسية، التي أعيد لها الاعتبار في الصين، والتي توازن بين إشباع الرغبات الفردية، وهو ما شجعه وسمح به الحزب، والإيمان السائد بضرورة وجود حكومة تخدم الشعب، تطبيقاً لمثل أخلاقية عالية، فالنجاح الاقتصادي الصيني كان ولا يزال عادلاً (مقارنة بالأنظمة الشمولية المماثلة)، وينساب لكل طبقات المجتمع، مع حزم شديد، بل قاسٍ في محاربة الفساد، إذ يصل إلى حد إعدام حتى قيادات في الحزب تورطت في فساد من رِشى أو اختلاسات.

أعتقد أن السعودية تستطيع تكرار ذلك، لخصوصيتها الثقافية بوصفها دولة إسلامية تحكم بالشريعة، والتي كانت المحرك الأساسي الذي صنع الدولة السعودية قبل نحو 300 عام، متمثلة بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب القائمة على إخلاص التوحيد لله في العبادة والتوكل عليه (لا التواكل) في طلب الرزق. لقد أطلقت الدولة السعودية الأولى حرية الاقتصاد، وحق الملكية الفردية، وشجعت المبادرة، مع العدل بعدما أعملت أحكام الشريعة الإسلامية في تطبيقه في مجتمع صحراوي بعيد من حواضر العالم المزدهرة وقتذاك، ويفتقد الموارد الطبيعية وشتى أسباب الكسب والرخاء، بل حتى إنه خرج من تاريخ الحضارة الإسلامية نحو 10 قرون بعدما انتقلت حواضر الإسلام بعيداً من نجد ونقلت معها أجيالاً من قبائلها إلى الشام والعراق وشمال أفريقيا، بل حتى الأندلس، وفجأة «تنفجر» الدعوة الوهابية الإصلاحية، فتضخ طاقة إيجابية في قرية لا تتمتع بموارد طبيعية أو مركز جغرافي مهم، فتحولها إلى مركز ثراء ورخاء، وأنقل هنا رواية المؤرخ ابن بشر عن الدرعية القديمة عاصمة الدولة السعودية الأولى: «ولقد رأيت الدرعية بعد ذلك في زمن (الإمام الثالث للدولة السعودية الأولى) سعود، وما فيه أهلها من الأموال وكثرة الرجال والسلاح المحلى بالذهب والفضة الذي لا يوجد مثله، والخيل الجياد والنجايب العُمانيات والملابس الفاخرة، وغير ذلك من الرفاهيات ما يعجز عن عده اللسان ويكل عن حصره الجنان والبنان. ولقد نظرت إلى موسمها يوماً في مكان مرتفع، وهو في الموضع المعروف بالباطن، بين منازلها الغربية التي فيها آل سعود المعروفة بالطريف ومنازلها الشرقية المعروفة بالبجيري التي فيها أبناء الشيخ. ورأيت موسم الرجال في جانب... وموسم النساء في جانب، وموسم اللحم في جانب، وما بين ذلك من الذهب والفضة والسلاح والإبل والأغنام والبيع والشراء والأخذ والإعطاء، وغير ذلك، وهو مد البصر. ولا تسمع فيه إلا كدويّ النحل من «النجناج» وقول: «بعت وشريت»، والدكاكين على جانبيه الشرقي والغربي، وفيها من «الهدوم» والسلاح والقماش». ذلك كان رخاء بمقاييس ذلك الزمان، و «نسبة نمو» معتبرة لم يسجلها مصرف دولي، قبل النفط والقوة والتعليم والموقع الجغرافي وثورة الاتصالات والنفوذ الإقليمي والدولي، الذي تتمتع به السعودية اليوم، فبالأدوات والروح نفسها والإسلام الإيجابي الحر الذي يعلي قيمة الفرد ويجعله مرتبطاً متوكلاً على الله، مع الالتزام بقيم الشريعة والعدل والمساواة، والتخلص من شوائب الفساد والتمييز والتواكل التي شوهت التجربة لاحقاً، يستطيع الأحفاد البناء على ما سبقهم إليه الأجداد.

مرة أخرى، هذه حال تخص السعودية، ويمكن أن نراهن عليها لعمل النهضة المرجوة. ومع تحقيق نجاحات في خطة التحول، فإن قوة التاريخ لا بد من أن تدفع السعودية نحو بعض من الديموقراطية، تحت مظلة الشريعة الحاكمة، فتتوسع في رقعة المشاركة وتحميل مسؤولية المراقبة والمحاسبة لمجالس منتخبة، أما تلك الجمهوريات العربية البائسة التي تعصرنت شكلاً لا مضموناً فلن تنهض بغير الديموقراطية التي ستوفر لها على الأقل قاعدة الاستقرار، لكي تبني عليها رؤاها لـ20 أو 30 أو 40 سنة، أما السعودية فضمنت ذلك، وعليها أن تبني عليه لغد مشرق جديد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030» «الوهابية» والنموذج الصيني و «رؤية 2030»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon