ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية 1 من 2
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية (1 من 2)

ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية (1 من 2)

 لبنان اليوم -

ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية 1 من 2

جمال خاشقجي

يستطيع الجزائريون القول إنهم بخير عندما يرون ما يحصل في سورية، أو حتى قريباً منهم في ليبيا، ولكنهم يشتركون معهم ومع غيرهم من العرب في «هدر الفرص» للحاق بعالم حر متطور باتت الهجرة إليه في قارب موت هي الأمل في الحياة.

في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 1988 خرج الجزائريون منتفضين ضد أحوالهم المعيشية المتردية. بطشت السلطة واستخباراتها، كعادة أنظمة الاستبداد العربي بشعبها الغاضب. سقط نحو 500 قتيل. لا يوجد رقم رسمي حتى الآن، فالحكومات العربية غير حريصة على هكذا أرقام حتى اليوم، ولكن التظاهرات استمرت. الغضب اتسع. إنه الربيع العربي الذي لم نره على شاشة «الجزيرة»، إذ لم تكن هناك «جزيرة» يومها. أخباره احتلت مساحات صغيرة في صحفنا! في النهاية اختار رئيس الجزائر وقتذاك الشاذلي بن جديد السلامة له ولشعبه، وسمح للتاريخ بأن يمر، وأعلن إصلاحات دستورية، تعددية سياسية وانتخابات حرة، وأنهى عهد الحزب الواحد، ذلك النظام البغيض الذي اختارته ولا تزال الجمهوريات العربية كي تحكم به «الطائفة المتغلبة»، ولكن مستخدمة مصطلحات حديثة وتقدمية: «الاتحاد الاشتراكي»، «جبهة التحرير الوطني»، «الجبهة التقدمية»، «المؤتمر الشعبي العام»، بل تردت صور الديموقراطية حتى رأينا «قائمة بتوع الرئيس». المهم أن تكون ديموقراطية اسمية يمكن التحكم بنتائجها عبر انتخابات صورية وإعلام كاذب.

المشكلة أنهم فشلوا في الإدارة على رغم تمتعهم بكل الصلاحيات، تشريعية وتنفيذية، انخفض الإنتاج وتراجع الاقتصاد، وكذلك الخدمات والتعليم ومعه «جودة الحياة»، وكلما غضب بعض من الشعب اتهم بالخيانة أو العمالة والإرهاب.

سيختلف المؤرخون والمحللون في أسباب ربيع الجزائر المبكر، ما بين أنها حركة مخططة لتصفية حسابات داخل مؤسسة الحكم، أم استحقاق حقيقي صادق نتيجة الكبت والفشل الاقتصادي وتردي الخدمات، لقد عشت - بصفتي صحافياً - بعضاً من أيام الربيع الجزائري، وبالتالي سأنقل بعضاً من ذكرياتي هناك من دون التعليق عليها، تاركاً للقارئ تفسيرها كيفما شاء.

• دعيت إلى الجزائر لحضور ندوة هناك قبيل الانتخابات الشهيرة التي انتصرت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بعدها فتح باب الجحيم على الجزائر إثر انقلاب الجيش وإلغاء نتائجها. كان نجم الندوة الشيخ الراحل محمد الغزالي، وكان موضوع الندوة تقدمياً جداً: «المستقبل الإسلامي». لم أر حشداً يلتف حول رجل ويتلقى كلماته بحرص شديد مثلما رأيت تعطش الشبان والشابات الجزائريين لخطاب الشيخ الإسلامي المعتدل. كان حضور الطلبة طاغياً كعادتهم، وفي العادة يكون هؤلاء «إخواناً» أو «جزأرة» وهم فصيل يشبههم ولكنه مستقل عنهم ومنافس لهم وأكثر محلية، لعل المرادف لهم في السعودية من يسمّون «السرورية» والذين يشبهونهم في «المحلية» مع اختلافات فكرية جذرية، ولكن كان هناك السلفيون أو بسطاء الإسلاميين أبناء الأحياء الشعبية البائسة. اصطحبت أربعة منهم إلى غرفتي بفندق «الأوراسي» للتعرف أكثر على توجهاتهم وتفاصيل مشاركتهم في أحداث أكتوبر. غرفتي في دور مرتفع، والفندق كله أعلى تل يطل على كل الجزائر. أتذكر ذلك الشاب وقد أسند ظهره إلى الحائط ينظر إلى عاصمة بلاده من شرفة الغرفة ويقول: «سبحان الله! لم نكن نستطيع أن نمر بجوار سور فندق الأوراسي، والآن أنا معكم في الدور الـ 14 أطل على كل العاصمة، الله أكبر!».

• فندق الأوراسي، يعطيك انطباعاً سريعاً عن النظام الاشتراكي الصارم الذي ساد الجزائر، لا بد أن تحول دولاراتك في المصرف الرسمي، ثم تحمل الإيصال لتدفع بالعملة المحلية، ويرفق الموظف الإيصال بسند يحتفظ به. قائمة الطعام محدودة، وعندما اشتكيت للنادل من طبق الدجاج الذي طلبته، قال بحدة، إنه لا يأتي أفضل من هذا! هذه الحدة ليست اشتراكية مستوردة وإنما جزائرية أصيلة.

• في رحلاتي التالية إلى الجزائر تعرفت إلى فندق «أرقى» إنه فندق «الجزائر»، الذي كان يوماً مقراً للحاكم العام الفرنسي هناك، كانوا كرماء معي، فوضعوا في الغرفة معجون أسنان «كلوس أب»، وعلبة مناديل «كلينكس»، لتلك الماركات «الرأسمالية» وهجها وقتذاك في الجزائر، ولكن كليهما صناعة المغرب الشقيق الذي لا تفتح حدوده مع الجزائر إلا وتغلق ثانية، ولكن لم يكن الجزائريون وقتها يصنعون منتجات بسيطة بجودة عالية مثل علب المناديل ومعاجين الأسنان.

• رافقت الشيخ عباسي مدني زعيم «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» إلى مدينة مستغانم في غرب البلاد، خلال الحملة الانتخابية التي كانت حرة تماماً ولم تتدخل فيها السلطة. قاد سيارته بنفسه، لم يكن معه مرافقون ولا حراسة. كان ابنه أسامة في سيارة خلفنا ومعه لاعب كرة القدم الشهير «عصاد» الذي برز قبل ذلك بسنوات قليلة في مواجهة بلاده مع ألمانيا بكأس العالم، وانضم عصاد إلى «الإنقاذ» واعتقل لاحقاً معهم، الحق أن «الإنقاذ» كانت حزب الشعب الجزائري، إذ كانت واسعة الشعبية وليست حزباً إسلامياً فقط. مررنا على حقول واسعة على مدى البصر، كانت في يوم ما سلة خبز فرنسا. سألت الأستاذ الجامعي الذي تحول إلى زعيم سياسي: طيلة رحلتنا لم أر في هذه الحقول جراراً يحصد أو يغرس أو حتى أبقاراً ترعى! قال ملوحاً بيده: «إنها اشتراكيتهم الفاشلة، لو أتوا بثور وبقرة بعد الاستقلال وتركوها ترعى هنا من دون حتى رعاية، لكانت لدينا اليوم ثروة حيوانية هائلة».

• في استاد رياضي هائل امتلأت جنباته بأنصار الجبهة، إنهم عوام أهل الجزائر ومن كل الطبقات، نساء ورجالاً، كان الاستاد يدوي بالهتاف والتكبير كلما أنهى متحدث كلمته، وخصوصاً ذلك الهتاف الشهير: «دولة إسلامية، دولة إسلامية» (بضم الدال).

• استأذنت من الشيخ عباسي أن أعود مع أحد أعضاء الجبهة السلفيين، فـ «الإنقاذ» كانت أشبه بتحالف تشكل بسرعة لقوى إسلامية عدة جمعتها الرغبة في استخلاص الحكم من «أولئك الاشتراكيين الفشلة» وبناء الدولة الإسلامية العادلة، ولكن عباسي طلب مني أن أعود معه. تأكدت لاحقاً أن ثمة مشكلات داخل الجبهة، وخصوصاً عندما قال لي: «لقد نشأ في بيئة غير جيدة ما شوّه أفكاره»، مشيراً إلى ذلك العضو بالجبهة (ولم يكن الشيخ علي بلحاج الذي اختلف معه عباسي ولكن بقي الود بينهما) واسترسل بالحديث كيف أنه يعاني من السلفيين و»الإخوان» معاً، ثم طلب مني عدم نشر شيء من ذلك. أعتقد أنني في حل من وعدي هذا بعد ربع قرن.

لا تزال في الجعبة ذكريات أخرى، أكملها بمقالتي المقبلة. تحليلها يشي بالحال التي كانت عليها الجزائر قبل ربع قرن، وللأسف لم يحصل الكثير مما يغيّر الوضع، تحولت الديموقراطية التعددية إلى ديكور، والانتخابات محسوبة نتائجها مسبقاً، واستمرت الطبقة الحاكمة نفسها تحكم، وإن مر على الجزائر أكثر من رئيس وحكومة، «المؤسسة» كانت دوماً في الخلف تحسم الأمور، التعيينات، والترشيحات، والحياة والموت، إنها «المؤسسة» نفسها التي تحكم جمهوريات عربية أخرى بمسميات وهيكليات مختلفة، مثل «المجلس العسكري» أو «أسرة الرئيس» أو «القبيلة» بل حتى «الطائفة»، وهي دوماً تفشل في الإدارة وتنجح في السيطرة وتضيع على البلاد ومواطنيها فرصها في التنمية، هذا ما لم ينفجر الشعب غاضباً مرة أخرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية 1 من 2 ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية 1 من 2



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon