أسامة الرنتيسي
لا أدري ما هو الشعور بالانجاز والتفوق الذي يصل إليه من يُطلِق فيديو قديمًا على اعتبار أنه جديد وابن اللحظة، خاصة في قضية الأمطار وإغلاق الشوارع.
أمس؛ أُمطرت هواتفنا فيديوهات عن الأمطار أكثر من الأمطار التي هطلت، ومعظم الفيديوهات تتحدث عن كوارث وإغلاقات لعبارات في الشوارع الرئيسية، اضطرت بعد ذلك أمانة عمان إلى إصدار بيان تنفي فيه أي إغلاق لأي مِن شوارعها وأن الفيديوهات قديمة.
بكل تأكيد تعلمت الأمانة من الموسم الماضي وما حدث وسط البلد، وقد أخذت الاحتياطات كافة حتى لا تتكرر الكارثة، لكن حتى لا نبالغ في إمكاناتنا فمعظم دول العالم تتعرض حياتها للعُطْل وشوارعها للإغلاق في العواصف المطرية الشديدة، وعلينا أن نؤمن أن تغييرا كبيرا حدث في العالم بسبب التغيُّر المناخي، يتحدث عنه المختصون منذ سنوات في مؤتمرات دُولية تحذر من تداعيات ثقب الأوزون على التغيُّر المناخي لكن للأسف لم نشارك عربيا في هذه المؤتمرات وإذا شاركنا فللتسلية فقط ولم نأخذ الموضوع على محمل الجد.
نشد على يَديْ كل من يُسْهم في إنجاز عمله في الظروف الجوية الصعبة، ونشيد بجهود من قام بواجبه، وهذا جزء من الواجب الوطني على الإعلام المسؤول والجاد، فإننا نقدم الشكر لكل عامل ومسؤول أظهر انتماء حقيقيا في بلادنا، وقام بدوره من دون حسيب او رقيب.
لكن؛ مِن الآن، لن نقبل بانقطاع الخدمات الرئيسية عن المواطنين، ولن نقبل بانقطاع الكهرباء وإغلاق الطرق، وانحباس الناس في منازلهم، لأن جهة ما لم تقم بواجبها، ولن نقبل بتكرار إلقاء التهم وتحميل جهات من دون اخرى المسؤولية.
النقطة الأهم في الموضوع: نريد ان نتعلم من دروسنا شيئًا، وألّا نبقى ضحايا خطاب رسمي يبالغ بقدراتنا في مواجهة الأزمات.
في حالة المبالغة، يطمئن الناس، ويشعرون أن الأمور تحت السيطرة، وأننا سننتصر لا محالة على المشكلة التي تواجهنا.
نكتشف على أرض الواقع، أننا غير جاهزين، وأن امكاناتنا بسيطة ومتواضعة، و”نغرق في شبر مَيّة”، ولا نضمن حتى بقاء التيار الكهربائي موصولا، ولا توجد إمكانات لمعالجة الأعطاب الناجمة، وتصبح الحياة كأننا فعلا في حرب حقيقية.
لا نجلد أحدا، فهذه ليست من أخلاقنا، لكن من حقنا ان نقول إن إدارة الأزمات، لا الأزمات فقط، بل حتى طريقة التعامل مع كل قضية تواجهنا، فيها مشكلة حقيقية.
الدايم الله…