بقلم : أسامة الرنتيسي
لم يتفاجأ الكويتيون الذين يستعدون في 26 نوفمبر المقبل للتوجه الى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس امة جديد، بتقرير ديوان المحاسبة لسنة 2015 – 2016 الذي خلا من أي مخالفة إدارية أو مالية على ديوان رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك. هذه الشفافية التي نفتقدها في معظم دولنا العربية وخاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها معظم هذه الدول، مترسخة في الكويت، وهذه النتيجة لم تأت صدفة، مثلما حفلت بذلك الكثير من التغريدات الكويتية على موقع توتير بل نتيجة جهد كبير بذل على مدى عام كامل من قبل اللجان المختصة وبتوجيهات ومتابعة دورية من الشيخ جابر المبارك؛ لتلافي المخالفات السابقة ووضع آليات تمنع حصولها في المستقبل. مدهش جدا الى حد الاعجاب ما يحصل في الكويت، الدولة النفطية التي استوعبت قيادتها ضرورة التغيير والشفافية ومحاربة الفساد، فأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بدأ بنفسه، وطلب من الحكومة الكويتية، إعادة تخفيض ميزانية الديوان الأميري الكويتي، والجهات التابعة له وترشيدها، لتصل الى النصف.
الحكومة الكويتية التي يترأسها رجل حازم وخبير، الشيخ جابر المبارك الصباح، يحصل ديوانه على شهادة عدم وجود اي مخالفة ادارية او مالية، وهذا الامر ليس موجودا في ديوان حكومات عربية فقيرة تعيش على المنح والمساعدات.
جابر المبارك، ومنذ ان تلمس بوادر ازمة النفط، أمر منذ اكثر من عام بخفض مصروفات ديوان رئيس الوزراء وتقليص بند المهمات الى النصف وخفض باب الهدايا من 9 ملايين دينار الى مليونين. ملفت للنظر ما تقوم به دولة الكويت من اعادة النظر في سياستها المالية والاقتصادية، وقرارات الشيخ جابر المبارك، الذي يترأس حكومة من اغنى الحكومات العربية والعالمية، وكان لديهم فائض في الموازنة سنويا يتجاوز عشرات المليارات من الدولارات تستحق الاشادة والاعجاب، يضاف الى ذلك وجود تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية في الكويت تحتاج الى الاسناد المالي. الشيخ جابر المبارك؛ وهو ابن أول وزير للأوقاف في الكويت الشيخ مبارك الحمد الصباح مؤمن بالحديث النبوي: "…ولو كنت على نهر جار.." يعرف جيدًا طبيعة الشعب الكويتي، وهو وإن كان يتسم بالهدوء، فإنه يتسم أكثر بالحزم في قراراته، يمتلك من التجربة والعمل السياسي كل مقومات المضي بالكويت إلى بر الأمان، وقادر على إعادة وضع الكويت في المرتبة التي تستحقها خليجياً وعربياً .
الكويت التي تنظر انتخابات جديدة تغيرت فيها منذ عدة سنوات لهجة الخطاب في الشارع والبرلمان والصحافة، فالكويت المعروفة عربيا بالتجربة البرلمانية الطويلة وبحرية الصحافة عندما لم يكن كثير من أرباب الصحافة العربية يعرفون أبجديات الحرية، أصيبت وبالذات في وسائل التواصل الاجتماعي بخطاب متطرف وسلوك سياسي معارض، من معارضين مراهقين لا ينسجم مع سلوك المعارضة الكويتية التي رسم ملامحها الكبار.
لم اسمع يوما اشتباكا في الحوار بين اصدقاء كويتيين على خلفية طائفية، فالحوار في الكويت حضاري وتقدمي حول تغيير لهجة الخطاب في الكويت، وحول القضايا والازمات التي تمر بها المنطقة. على عكس عديد الدول العربية المضطربة، تمضي الكويت إلى ترتيب أوضاعها الديمقراطية والدستورية عبر صناديق الاقتراع التي اعتاد الكويتيون العودة لها، رغم وجود معارضة لا تزال واقعية، وتحتكم للشارع إذا استدعت الأمور.. في العشر سنوات الأخيرة، وخاصة الاولى منها، ساد عدم التعاون في علاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت، ما أثر في التجربة السياسية والتنموية، لهذا يأمل الكويتيون الابتعاد عن التجاذب والشحن والمناكفات، بعد أن أيقنوا أن تجارب المجالس السابقة أثبتت أن التأزيم لا يبني أوطانًا.