حرب الاستقطاب بين القنطار والإرهاب

حرب الاستقطاب.. بين القنطار والإرهاب

حرب الاستقطاب.. بين القنطار والإرهاب

 لبنان اليوم -

حرب الاستقطاب بين القنطار والإرهاب

أسامة الرنتيسي

على أرض سورية، ومنذ نحو 5 سنوات، تشتعل "حرب عالمية ثالثة مصغرة"، تشارك كل دول العالم بصيغة ما فيها، سواء عبر الدول الكبرى والتحالفات، التي مدت يدها كثيراً في المعدة السورية، وتجرّب على أرضها، وعلى حساب شعبها كل أنواع السلاح، الفعّال منه وغير الفعّال، أو عبر تصدير المقاتلين، من الشام إلى "الجنة والحور العين".

بامتياز، حصلت الحرب في سورية على لقب "الحرب القذرة"، ولهذا فكل ما سوف ينتج عن هذه الحرب هو بالمحصلة قذر وبلا قيم ولا أخلاق. عملية اغتيال "عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية" سمير القنطار، وبصواريخ إسرائيلية، كشفت ليس فقط عن قذارة الحرب في سورية، وأدواتها وتحالفاتها، بل كشفت كذلك عن أعجب ما فينا من قيم وأخلاق، نحن المشاركين من المدرجات في التصفيق لأحد طرفي الحرب، وللدقة لأطراف الحرب الكثيرة.

في لحظة ما، وفوراً، وبلا وازع ضميرى ولا الرقابة الذاتية، تجرأ الجمهور الذي يقف ضد النظام السوري وتدخُّلِ حزب الله في الحرب القذرة، إلى نزع صفة البطولة والشهادة عن سمير القنطار، لا بل تجاوزت الشتائم إلى ما هو أبعد من ذلك، حتى وصل الأمر إلى أن استعانت وسائل إعلام موالية لهذا الفريق باستحضار مطلَّقة القنطار لتشارك في حفلة الشتم والتشفي.

بسبب هذه الحرب، تناسى هؤلاء السنوات الثلاثين التي قضاها القنطار أسيراً في السجون الإسرائيلية، وتناسوا (ولا أريد أن أقول فرحوا لأنها تجرح "كريستال روحي" إن نطقتها) نجاح الصواريخ الإسرائيلية في عملية اغتيال القنطار.. ولا أبالغ إن رأيت أنه من الإنصاف تحميل المسؤولية لمن أرسل القنطار – الذي ظللنا ردحاً من الزمن نتغنى ببطولته - إلى معركة القدس عبر الزبداني، واختلّت بوصلته حتى صار الجنوب شرقاً لديه، وغرق في مستنقع هذه الحرب القذرة!

الشماتة لم تقف عند حدود اغتيال القنطار، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما تم توجيه الاتهامات إلى روسيا التي تسرح وتمرح في الأجواء السورية، متسائلين: كيف سمحت "السوخويات والـ S400" لهذه الصواريخ بالوصول إلى مكان إقامة القنطار؟! وزاد بعضهم فوصل إلى الشك بوجود تنسيق روسي إسرائيلي في هذه العملية. (هل هناك خيال اكثر قذارة من ذلك؟).

على المدرج الآخر من الجمهور (الشبّيح) مع النظام السوري، برزت شماتة أخرى، لا بل تفاخر، عندما قتلت الطائرات الروسية قائد فصيل "جيش الإسلام" زهران علوش، طبعاً لسنا في صدد المقارنة بين القنطار وعلوش، وإنما المقارنة منحصرة في غياب القيم والأخلاق عند شريحة واسعة من طرفي الجمهور الذي يهتف كل منهما على طريقته للحرب القذرة في سورية، ووصل الامر في بؤساء حزب الله ان يعلنوا ان الطائرات الروسية ثأرت للقنطار بأغتيال علوش.

التعامل مع الحرب القذرة في سورية، تشبه حامل كيس الفحم، فمن أي جهة يتعامل معه سيصيبه "الهباب"، وهو إما سيختنق بالكربون قبل الوصول إلى الهدف، وإما سيوصل كيس الفحم و"وجهه أسود" .

في هذه الحرب، وبعد أن استطاع النظام في سورية أن يحول ثورة السوريين المطالبة بأنفاس من الحرية، بدأت من درعا ضده، ليصوّرها بل ويقنع كثيراً من أقطاب القوة العالميين بأنها ثورة ضد الإرهاب العالمي، فضلاً عن أن هذه الحرب القذرة رفعت من منسوب الطائفية، وزادت في تقسيم المقسّم، وتفتيت المفتّت.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الاستقطاب بين القنطار والإرهاب حرب الاستقطاب بين القنطار والإرهاب



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon