بقلم - منى بوسمرة
استقلال وسيادة سوريا ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن السوري، كان وسيظل على الدوام، ركيزة أساسية في تعامل الإمارات مع الشأن السوري، إذ كانت الإمارات من الدول السباقة في جهود تفعيل الدور العربي في سوريا ودعم تحقيق تطلعات الأشقاء هناك في الاستقرار والسلام، بعد أن أرادت قوى إقليمية جعلها ساحة مفتوحة لحروبها وأجنداتها، ومرتعاً لجماعات التطرف والإرهاب.
من هذا المنطلق يأتي تأكيد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تغريدة على «تويتر» يقول فيها: «على ضوء الدور المحوري الذي لعبه الأكراد في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، فإن القلق الإقليمي والدولي، حول مصيرهم مشروع، ومن هذا المنطلق فإن المصلحة العربية تقتضي أن ينحصر التعامل مع دور وموقع المكون الكردي، ضمن الإطار السياسي وبما يحفظ وحدة الأراضي السورية».
هذا القلق الإقليمي والدولي، يأتي في ضوء ما تظنه بعض العواصم الإقليمية، من أن بإمكانها تجيير كل المنطقة لحساباتها، دون أن يتصدى لمخططاتها أحد. إذ عادت أنقرة منذ إعلان الانسحاب الأمريكي، لتمارس ذات سياساتها، والمجاهرة بنيتها دخول سوريا، تحت ذريعة ضرب الأكراد لأسباب لها علاقة بأزمتهم في تركيا، وهذا على الرغم من أن أكراد سوريا لا يتدخلون أساساً في ملف أكراد تركيا، وإن كانوا جميعاً ينتمون إلى جذر قومي واحد.
ما يواجهه الأكراد في تركيا، من محاولات لإنهاء لتطلعاتهم، واعتبار كل جماعاتهم السياسية جماعات إرهابية ومحظورة، وفقاً لمنظور أنقرة، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون سبباً للتدخل في شؤون دولة أخرى، هذا عدا عن التهديدات المتواصلة باجتياحها عسكرياً، الأمر الذي يكشف عن نوايا شر أكبر من مجرد الذرائع المعلنة.
هذه السياسة القائمة على وهم كبير عنوانه أن أنقرة لن يوقفها أحد، سياسة لا تحترم سيادة الدول، وتستخف ببقية الأطراف في العالم والإقليم، وتعتبر أن الأرض السورية مساحة حرة لها، غير أن مواقف الدول العقلانية والفاعلة، أظهرت أمامهم أن القرار ليس بهذه السهولة، وخصوصا أن اجتياح بلد عربي، أمر لا يمكن قبوله من حيث المبدأ، مثلما أن دور الأكراد في محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة، دور لا يمكن نسيانه.
لا يمكن ترك الأكراد لمصيرهم تحت قصف المدفعية التركية والطيران، وبرغم أن السياسة تقوم على المصالح أولاً، إلا أن المبادئ لا تغيب، وبهذا المعنى كيف يتوقع الأتراك أن يتخلى العالم عن أكراد سوريا، بعد دورهم في الحرب على الإرهاب، وخذلانهم والتعامل معهم بصورة سلبية، وكأنهم مجرد أدوات تم توظيفها في الحرب على الإرهاب، ثم يتم لاحقاً، تركهم لمصيرهم، باعتبار أن دورهم الوظيفي قد انتهى ولا حاجة لهم بعد اليوم.
ملف أكراد سوريا له علاقة فقط بالداخل، ويخضع للحسابات السورية، من حيث العملية السياسية، وهذا ما تؤكده الإمارات في هذا الشأن، وتطالب في إطاره بتفعيل الدور العربي في سوريا، لحمايتها من قوى الشر الإقليمية التي تواصل محاولاتها في القفز عن الحقائق، لخلط الأوراق مجدداً في سوريا وكل الإقليم.