بقلم: منى بوسمرة
التضخم والغلاء الملحوظ في أسعار السلع الذي تشهده أسواق العالم، ومن ضمنها أسواقنا، يلقيان بثقلهما على الناس، وإن كان لجزء من هذا التضخم بعض مبرراته العالمية التي لا يمكن النقاش فيها، إلا أن زيادة ارتفاعه مع المناسبات المباركة التي نشهدها هذه الأيام، خصوصاً شهر رمضان الفضيل، وعودة المدارس، واقتراب عيد الفطر السعيد، تترك الكثير من التساؤلات المشروعة عند المواطنين والمقيمين، لتأثيرها على كواهلهم وقدرتهم على الوفاء بأكثر الاحتياجات إلحاحاً في هذه الأوقات.
الأزمة العالمية التي فرضتها تداعيات «كوفيد 19» والحرب في أوكرانيا من تضاعف رسوم الشحن وارتفاع أسعار النفط والطاقة، هي بالتأكيد أسباب مفهومة في تأثيرها على هذا التضخم، ولكن غير المفهوم أن نجد تباينات في الأسعار بين منافذ البيع تتجاوز في بعض الأحيان 20 ــ 25%، فهو أمر لا يمكن أن يكون له ما يبرره، بقدر ما يقف وراء الشكوى المتزايدة من المواطنين والمقيمين الذين باتت معاناتهم واضحة ولها دوافعها جراء الارتفاعات والتباينات غير المبررة في أسعار السلع، خصوصاً الأساسية.
«البيان» التي استمعت لصوت الناس، ونقلته في تحقيقها الأسبوع الماضي حول غلاء الأسعار، لم تكتف فقط برصد الشكاوى، وإنما انتقلت إلى الميدان ورصدت حقيقة هذا الغلاء، وكذلك التباين في الأسعار، الذي أظهر فروقات تجاوزت الـ20 درهماً في بعض السلع بين منافذ البيع، والمحير في الأمر، ما تردد على ألسنة الكثير بأن المنافذ الأعلى سعراً هي منافذ ينتظر منها الناس عكس ذلك تماماً.
نحن نعلم أن الجهات المختصة لا تقف مكتوفة الأيدي في هذا الشأن، وتقوم بجهود كبيرة للسيطرة على تأثيرات هذا التضخم، ولكن سواء كانت المبررات عالمية أو لعدم التزام الكثير من التجار، فإن تنامي هذا الأمر يحتاج إلى وقفة عاجلة، وحلولاً استباقية ناجعة، وآليات كافية لكبح ارتفاع الأسعار وضمان توافر السلع، وعلى وجه التحديد وسط هذه المناسبات التي تشهد تزايداً في احتياجات الناس وارتفاعاً في الطلب، كما أن ذلك في ظل ما نعيشه من أزمات عالمية يحتاج إلى مقاربة مختلفة، لا تخل بمنظومة المنافسة الإيجابية، في وقت تفرض الالتزام الكامل بالممارسات التجارية السليمة.
والواجب الوطني والالتزام المجتمعي يفرضان أيضاً في هذا الوقت بالذات، حرصاً استثنائياً من جميع أطراف المعادلة، وفي مقدمتهم التجار ومنافذ البيع، الذين يمكن أن يكون لهم دور واضح في السيطرة على هذه الزيادات السعرية، وتوفير خيارات وبدائل أوسع أمام المستهلكين، كما أن المستهلك ذاته يقع عليه مسؤولية الوعي والتمتع بالثقافة الاستهلاكية السليمة.
مجتمع الإمارات بتكاتفه ووعيه، كان على الدوام، أقوى من كل الظروف، وسيظل أقوى بالتزامه الوطني والمجتمعي في كل الأوقات.