لبنان والزحف نحو جهنم

لبنان والزحف نحو جهنم!

لبنان والزحف نحو جهنم!

 لبنان اليوم -

لبنان والزحف نحو جهنم

بقلم - راجح الخوري

يعرف الرئيس نبيه بري جيداً أن لبنان تجاوز المجهول، وصار في قعر الدول المنهارة، ويمكن في ظل أزمته الاقتصادية المعيشية، ومع ملامح الإفلاس الكامل التي تعصف بالمواطنين، أن يغرق في الفوضى الاجتماعية وفي اضطرابات أمنية بدأت ملامحها تتصاعد منذ زمن، مع أعمال الاغتيال والسطو المسلح والسرقة التي وصلت حتى إلى نهب أغطية مجاري المياه وأسلاك الكهرباء لبيعها!
ويعرف أيضاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يئس، وإن لم يفصح، من إمكان التوصل إلى حل في لبنان الذي قال عنه بالحرف: «إنه عالق في أنياب الحلف الشيطاني بين الفساد والإرهاب… وأن عاطفتي تذهب نحو شعب لبنان، أما قادته فهم لا يستحقون بلدهم، لبنان بلد نموذج تعددي في منطقة عصف بها الجنون»، وعلى خلفية كل هذا كان من المستغرب فعلاً أن يدعو بري الرئيس الفرنسي، يوم الاثنين الماضي، «إلى أن يتدخل استثنائياً وفوراً اليوم وليس غداً، وإلا فإن لبنان يتجه إلى المجهول».
لا داعي للتذكير بمبادرة ماكرون الذي هبط في بيروت في السادس من أغسطس (آب) الماضي، بعد يومين من انفجار المرفأ، واتجه فوراً وتفقده وجال في الأحياء المدمرة من بيروت، في وقت لم يكن أي مسؤول سياسي يجرؤ على النزول ومواجهة سخط الناس في الشوارع، واقترح ماكرون، كما هو معروف، المسارعة إلى تشكيل «حكومة مهمة» من الاختصاصيين غير الحزبيين، تحاول انتشال لبنان من الانهيار، وتمهد لبرنامج مساعدات أوروبية من الدول المانحة المشاركة في «مؤتمر سيدر»، وقد وافقت كل القوى السياسية آنذاك على هذا، ثم نكلت بوعدها، لأنها عرفت أن أي حكومة إصلاحية ستسحب البساط من تحت أقدامها، وستوقف نهبها المبرمج للدولة، وربما ستفتح لاحقاً الأبواب أمام محاسبتها!
فعلى أي أساس يدعو بري، ماكرون، للعودة إلى لبنان، في وقت يكرر محمد جواد ظريف انتقاد الدور الفرنسي حيال لبنان، ربما لمجرد أن ماكرون دعا إلى إشراك المملكة العربية السعودية في أي مفاوضات أميركية جديدة حول الاتفاق النووي مع طهران، هذا طبعاً بالإضافة إلى التعقيدات التي دمرت كل الجسور بين أهل السلطة، خصوصاً بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري المكلف تشكيل حكومة جديدة.
في هذا السياق، كان واضحاً أن المطلوب لدى عون بعد شهرين من تكليف الحريري بأكثرية نيابية راجحة في الاستشارات الملزمة، تطفيشه وإحراجه لإبعاده لمجرد أنه يصر على تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين من 18 وزيراً ومن دون عقدة الثلث المعطل التي يريدها عون، وإن كان ينفي ذلك، والتي أفشلت عمل السلطة التنفيذية، منذ توصل «حزب الله» إلى فرضها قاعدة في تشكيل الحكومات اللبنانية في «مؤتمر الدوحة» عام 2008 تحت مسمى «الثلث الضامن» الذي صار معطلاً، لا بل تخريبياً!
كان الأمر فظاً ومهيناً، عندما تسرب كلام عون أمام الرئيس حسان دياب، قائلاً «إن الحريري يكذب»، هكذا بالحرف في مراهنة واضحة على إزاحته، خصوصاً أن كلام عون المهين جاء متلازماً مع تصريح صهره جبران باسيل، بأن من غير الممكن أن يؤتمن الحريري على الإصلاح، وأنه كان مسؤولاً عن الفترة السابقة التي شابها الفساد في لبنان، ولهذا رد الحريري بما يناسب الكلام الموجه إليه، وقام بجولة عربية حملته في النهاية إلى فرنسا حيث التقى ماكرون!
في ذلك الحين بدا أن عون وتياره حاولا لحس ما تم توجيهه إلى الحريري من الإهانة، التي بدا أنها لا تمسه وحده بل تصل إلى الطائفة السنية بما يحول دون قبول أي سياسي منها التعاون مع «العهد»، ولهذا أطلقت تصريحات بدت استرضائية ضمناً عندما قال العونيون تكراراً: لماذا لا يصعد الحريري إلى قصر بعبدا لمقابلة عون وحل الأزمة الحكومية، وهكذا سجل الحريري نقطة مهمة في مرمى عون، عندما طلب ليل عودته من باريس موعداً من عون، وصعد لمقابلته في اليوم الثاني في الزيارة رقم 16 التي جمعتهما، لكن كان من العبث إمكان مجرد التفكير في إصلاح الزجاج المحطم بينهما، الذي انعكس على العلاقات العونية مع قواعد الحريري الشعبية، في وقت تبدو العلاقات بين عون وتياره من سيئ إلى أسوأ مع وليد جنبلاط الذي يقول: إذا كان «العهد» يريد الانتحار دعوه ينتحر وحده، ومع «القوات اللبنانية»، ومع بري وحركة «أمل»، ومع «الكتائب»، ومع «المردة»، ولهذا كان من الطبيعي أن يحاول تصحيح هذا المسار الانعزالي، فصدر بيان عن «التيار الوطني الحر» في الذكرى الـ15 لتوقيع تفاهم «مار مخايل» بين عون وحسن نصر الله، قال إن هذا التفاهم لم ينجح في بناء الدولة وسيادة القانون، ويجب التمعن في وثيقة التفاهم، التي كانت من عشرة بنود نصت على «قانون الانتخاب والعلاقات اللبنانية السورية وحماية لبنان وبناء الدولة على معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة والقضاء العادل المستقل ومعالجة الفساد من جذوره».
ولكن لبنان رغم كل هذا الكلام المنمق في الوثيقة، تحوّل مغارة للفساد، وتم تهديم معالم الدولة، ووضعت قواعد العدالة جانباً وجرى تعطيل دور القضاء ووضع في الإهمال، أما الفساد فقد أوقع لبنان في مائة مليار دولار من الديون نصفها ذهبت إلى قطاع الكهرباء الذي أداره جبران باسيل صهر عون منذ عام 2005!
لكن المصيبة ليست هنا، بل في أن الذين يتحدثون عن الفشل في بناء الدولة هم الذين هدموها مع حلفائهم، والأدهى أنهم احتاجوا الآن إلى 15 عاماً لاكتشاف هذا، في محاولة مكشوفة منهم لتعويم مصداقيتهم وأوضاعهم المنهارة في الوسط المسيحي تحديداً، في حين يحاول عون وتياره دائماً القول إنه حريص على استعادة حقوق المسيحيين، بينما كل المرجعيات الكهنوتية وصولاً لبنان مهدداً بالزوال والإفلاس.
عندما صعد الحريري للمرة السادسة عشرة إلى بعبدا، قال عون إنه «لم يأتِ بجديد»، بمعنى أنه لم يتراجع عن مواصفات «حكومة المهمة»، ورفضِ إعطائه الثلث المعطل، ولهذا كان السؤال ولكن بماذا جاء عون من جديد، بعدما دمر الجسور بينه وبين الحريري، وأي سني يجرؤ على قبول تشكيل الحكومة هذا إذا اعتذر الحريري، وهو لن يعتذر، بما قد يبقي «العهد» مع حكومة تصريف الأعمال، في حين ينهار ما تبقى من الدولة المحطمة المهددة بانفجار اجتماعي هائل بعدما صار الناس أعجز من تأمين لقمة الخبز لعيالهم!
ولكن ما الهم؟
لا شيء طبعاً، فقبل أسابيع سأل الصحافيون عون: إذا لم تشكل الحكومة إلى أين نحن ذاهبون، فرد بالقول مباشرة: إلى جهنم. وعليه كيف لبري أن يراهن من جديد على وساطة فرنسية لإحياء الدولة اللبنانية المقتولة التي تزحف نحو بوابة جهنم؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والزحف نحو جهنم لبنان والزحف نحو جهنم



GMT 09:53 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 20:11 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» والأسد... ما أحلى الرجوع إليه

GMT 20:09 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«بريكست» خلف «بريكست»

GMT 20:07 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ما الذي تريده إيران من واشنطن؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon