عماد أديب وباسم يوسف

عماد أديب وباسم يوسف

عماد أديب وباسم يوسف

 لبنان اليوم -

عماد أديب وباسم يوسف

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

كنت في طريقى إلى مطار دبى عائدًا إلى القاهرة عندما قال لى د. عبدالله المدنى، أستاذ العلوم السياسية في جامعة البحرين، متسائلًا عما إذا كان أ. عماد أديب قد تعرض لأزمة قلبية بالأمس عقب انتهاء مؤتمر المنتدى الاستراتيجى العربى، كنا سويًّا في هذا التجمع، وبالفعل قابلت الزميل القديم في الحجرة «الرمادية»، التي يستعد فيها مَن سيقومون بالحديث قبيل دخولهم إلى المنصة، وكانت جلسته لإدارة الحوار في آخر الجلسات التي تأتى بعد جلستى مباشرة. كما هي العادة، تبادلنا كلمات الترحيب والود وقبلات الأكتاف، والإشارة إلى ماضٍ تعاونّا فيه، مع وعد بلقاء قريب في وقت آخر. وعندما وصلت إلى المطار، حاولت البحث في الصحافة عن خبر ما جرى بعد انفضاض التجمع، ولم يكن هناك شىء. احتجت الوصول إلى القاهرة لكى أعرف من أ. عمرو أديب تلفزيونيًّا تأكيدًا لما حدث، وإشارته إلى أن د. باسم يوسف قد لعب دورًا مهمًّا بعد إرادة الله في إنقاذ أخيه. الصديق القديم د. باسم كان متواجدًا في المؤتمر هو الآخر، وكانت له جلسة منفردة رائعة عن صورة العرب في الإعلام الغربى. ما حدث بات في ذهنى مدعاة لاستدعاء صورة اثنين من الإعلاميين المصريين المتميزين للغاية في الذاكرة، والكيفية التي التقيا بها، وأحدهما على حافة الحياة والموت، والآخر يقوم بعد إرادة الله بما لم يعد يقوم به كطبيب من إنقاذ لقلوب الناس. بدا الأمر مدهشًا أن كليهما كان بعيدًا عن مصر، يتلقيان الإعجاب والتصفيق، ويقومان بأدوار تجعلك تسجل ما للقوة الناعمة المصرية من تأثير في جماهير عربية وغير عربية خارج مصر.

لا أذكر متى التقيت مع «عماد»، لأول مرة، والأرجح أن ذلك حدث في صحيفة الأهرام بعد انتهاء فترة تجنيدى وعودتى إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. وقتها، كانت «المؤسسة» فيها الكثير من الدهشة، التي تتغلب ساعة رؤية شخصيات مثل توفيق الحكيم ولويس عوض ولطفى الخولى والعظيم نجيب محفوظ. كان مطعم الصحيفة رائعًا، واعتدت مع صديقى د. إبراهيم كروان، رحمه الله، بعد الغداء، الالتقاء بكثير من الشخصيات المهمة، ولكن اثنين منهم كانا قريبين في السن بدَت عليهما علامات طموح لا يحد، ودرجة عالية من الحيوية: عماد أديب، وعمرو عبدالسميع، رحمه الله. كان قد ذاع صيتهما بعد حديث قاما به سويًّا مع الرئيس السادات، نُشر في صحيفة جامعة القاهرة، التي تصدرها كلية الإعلام. أن تدخل «الأهرام» ولديك هذا السبق يجعل المجد مضاعفًا، ويرفع عنهما تهمة الفرصة العظمى نتيجة والدين، هما السيناريست العظيم عبدالحى أديب، ورسام الكاريكاتير الأشهر عبدالسميع. كانت الصحبة جيدة في هذا الوقت، حيث يجرى تبادل الأخبار العامة والكثير من القصص التي تأتى في خيال الشباب.

لم يمضِ عام إلا وكنت في طريقى إلى الولايات المتحدة، وعندما عدت لم أجد أيًّا منهما في «الأهرام»، حيث ذهب كلاهما إلى لندن، وترأس «عماد» تحرير مجلة «سيدتى»، أما «عمرو» فكان بسبيله لرئاسة تحرير «قمر ١٤»، التي لم تستمر سوى أسابيع لأن المملكة السعودية كانت غير تلك التي نعرفها الآن. بقى «عماد» في لندن متقلبًا بين كثير من المناصب الصحفية المهمة، ووقتها زرته ذات مرة في منزله، بعد دعوة عشاء، شاركنا فيها مَن كان شابًّا وقتها، أ. عمرو أديب. وعادت الصلة بعد ذلك في منتصف التسعينيات، بعد أن اقتحم صاحبى مجال التلفزيون، وربما كان أول «توك شو» في العالم العربى. أصبحت ضيفًا متكررًا على برنامج «على الهوا»، حتى بعد أن أصبح لى برنامجى الخاص «وراء الأحداث»، وعندما بات مؤكدًا أن الولايات المتحدة سوف تقوم بغزو العراق عرض علىَّ احتكارًا، ربما كان الأول من نوعه، للتعليق السياسى على الحرب. كانت التجربة غنية، زادت عليها رغبة «عماد»، بعد أن أصدر أول صحيفة اقتصادية «العالم اليوم»، ومعها مجلة «كلام الناس»، أن تصدر أول صحيفة ليبرالية تحت اسم «نهضة مصر». في كل هذه الأحوال، وتفاصيلها كثيرة، عبّر «عماد» عن خبرة إعلامية كبيرة دارت ولفت في أجواء تحولات عميقة في الإعلام العالمى والعربى. ورغم مفاجأة «عماد» في إعلان استقالته «على الهواء»، فإن مشروعاته «الرقمية» لموقع إخبارى، وكان الأول من نوعه فيما أعلم، ما لبثت أن اختلطت بالإنتاج السينمائى لفيلم «عمارة يعقوبيان»، الذي لقى ترحيبًا مصريًّا وعربيًّا وعالميًّا.

«عماد» انتقل إعلاميًّا من عالم إلى آخر بسرعة مخيفة، وكان أعز إنتاجه الصحفى والإعلامى هو آخرها، أما ما سبق فكان يذهب إلى العالم الآخر أو إلى آخرين. ولم يكن لدىَّ شعور بالدهشة عندما حدثنى عن برنامجه «بهدوء»، الذي أعد له كثيرًا في الولايات المتحدة لصالح قناة CBC، طالبًا منى أن أكون مع أخى ل. د محمد قدرى سعيد، أول ضيوفه. وبينما هذا البرنامج يتهادى، نشبت الثورة الأولى، وظهر لها نجومها، وكان أكثرهم سطوعًا د. باسم يوسف، الذي كان كثيرًا ما يقوم بغاراته الفكاهية على الإعلام المصرى، وكان منها «بهدوء». وعماد أديب شخصيًّا، الذي ما لبث أن انسحب من الحياة الإعلامية المصرية «بهدوء» أيضًا. لم يُقدر لى أن ألتقى أبدًا بصاحب «البرنامج»، الذي بدا لى بعد الثورة الثانية يقف على الجانب الآخر. ومع ذلك تابعت مسيرته في الولايات المتحدة، خاصة بعد ذهابه إلى جامعة هارفارد؛ وعندما قرأت كتابه الأول «ثورة البلهاء»، عن الثورة الأولى، أدركت أن لديه ما هو أكثر من الفكاهة إلى أعماق فلسفية مرحة، ربما، ولكن فيها أعماق غير قليلة. وعندما التقينا جاء مُرحِّبًا ومُتابعًا، وعندما ذكرت له أنه حقق انقلابًا بأحاديثه التلفزيونية خلال حرب غزة الأخيرة كان خجولًا في الشكر والتقدير لأنه جاء من مصر هذه المرة.

اللقاءات مع «عماد» كانت أسيرة المصادفة في مؤتمرات الصحافة والإعلام في دول الخليج، حيث كثيرًا ما كان متواجدًا، وفى كل مرة كنا نتواعد على لقاء لم ننجح دائمًا في الوفاء به. ما كان مثيرًا في لقاء «عماد» و«باسم» حقيقة الإنجاز الإعلامى الذي يحققه كل منهما بدرجة عالية من الاحتراف والمعرفة بما يحدث في الإعلام العربى والعالمى. كلاهما كان لا يزال جزءًا من «القوة الناعمة» المصرية؛ وشاءت الأقدار أن تضعهما سويًّا في موقف خطر الأزمة القلبية، التي استعاد «باسم» في مواجهتها خبراته السابقة لكى يقوم بعمل قال عنه أ. عمرو أديب إنه سوف يظل في عنقه إلى الأبد. لم يكن «عمرو» وحده هو الذي جاءته هذه المشاعر مع واقعة أخيه؛ وإنما آخرون يدركون قيمة «عماد» بحلوه ومره وإيجابياته وسلبياته، واندفاعه ومحافظته، لأنه في كل الأحوال يبقى قيمة يصعب تجاوزها في الإعلام المصرى، فرغم توالد أجيال جديدة، فإنها تأتى مع عصر مصرى جديد، ربما يكون أكثر حاجة لقدرات ومواهب «عماد» و«باسم».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عماد أديب وباسم يوسف عماد أديب وباسم يوسف



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon