التاريخ والهوية والدولة الوطنية
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

التاريخ والهوية والدولة الوطنية

التاريخ والهوية والدولة الوطنية

 لبنان اليوم -

التاريخ والهوية والدولة الوطنية

بقلم: عبد المنعم سعيد

لم يكن الظرف الصحي في 4 يناير (كانون الثاني) 2014 عندما هبطت على مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية مما يبعث على السعادة، وقد بدأ العد التنازلي لمغادرتي للحياة. ولحسن الحظ أن شهر يناير في هذه المدينة أفضل حالاً من حالتها الصيفية، حيث تتحول الرطوبة مع الحرارة إلى استنشاق الزيت الذي ربما يأتي بخاره من آبار البترول المنتشرة ليس ببعيد عن المدينة.
لم يكن هناك الكثير الذي يمكن عمله سوى التجول على الأقدام بحثاً عن أمر يثير الاهتمام، وهو ما تحقق بعد ساعات قليلة. كان هناك إعلان في كل ناصية عن معرض الآثار السعودية الذي حلّ بالمتحف الرئيسي، فلم أتردد في الولوج إليه، حيث بدا في الآثار نوع من التعويض لمصري يعيش في الغربة في لحظة تاريخية من عمره. وللمفاجأة، أن ما كان معروضاً لم يشمل فقط آثاراً سعودية خالصة، وإنما كان معها عدد من التماثيل الفرعونية التي تشير إلى حالة من التفاعل الكثيف الذي جرى بين مصر والسعودية قبل آلاف السنين. ارتفعت روحي المعنوية كثيراً، وإذا كانت هذه الآثار العتيدة قد عاشت كل هذه السنوات، فإن الدرس هو أن بقاء السيرة ربما لن يقل أهمية عن بقاء الجسد. كان ذلك قبل عام تقريباً من بدء عملية التحديث المثيرة التي جرت في المملكة خلال السنوات السبع التالية، والتي كان من أهم أبعادها دور التاريخ في بناء هوية الدولة الوطنية السعودية. الأمر ينطبق على ما يسمى «ذاكرة الأمة» التي تعدّ واحدة من أهم أبعاد الهوية، فلا توجد ذات متميزة من دون تاريخ خاص وفريد، وفي كثير من الأحيان مجيد أيضاً. فاكتشاف هذه الذاكرة من خلال الحفريات والكتب القديمة، كان المقدمة الطبيعية لتكوين الهويات من كثير من التفاصيل التاريخية التي تنسج حضارة بعينها، وهنا فإن العولمة قدمت من خلال عمليات الاستشعار عن بعد، وتكنولوجيات معرفة التربة، وكيمياء الحفاظ على المخطوطات القديمة، وإعادة إنتاجها بوسائل معاصرة وسريعة التوزيع والانتشار، قدرات هائلة لاكتشاف الذاكرة التاريخية لكل أمة والحفاظ عليها من الاندثار. متابعتي هذه الذاكرة في الإطار السعودي الحديث تنوعت ما بين المتاحف التي زرتها في الرياض قبل الجائحة، وما يرد من وسائل الإعلام، وما ينبهنا له المكتب الإعلامي في السفارة السعودية بالقاهرة والتي تحت قيادة السفير أسامة النقلي، الرشيدة عن التزويد بآخر التطورات الجارية في هذا الشأن والتي دائماً ما تكون مثيرة. وفي 11 يناير الحالي، كشفت الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالشراكة مع جامعة غرب أستراليا، عن أن السكان الذين عاشوا في شمال غربي شبه الجزيرة العربية القديمة قاموا ببناء «ممرات جنائزية» طويلة، وهي عبارة عن مسارات رئيسية مُحاطة بآلاف المعالم الجنائزية التي كانت تربط بين الواحات والمراعي وتعكس درجة عالية من الترابط الاجتماعي والاقتصادي بين سكان المنطقة في الألفية الثالثة قبل الميلاد. لم يكن ذلك هو الاكتشاف التاريخي الأول في المملكة الذي يشير إلى عمق الحضارة في شبه جزيرة العرب، والتي بُنيت قبل وقت طويل من حضارات أخرى، من بينها الحضارة العربية الإسلامية.
ولعل الظاهرة ليست جديدة تماماً بالنسبة لمصري، فقد سقطت الذاكرة التاريخية لمصر تماماً فيما يتعلق بالجزء الأكبر من تاريخها الذي حدث خلال الفترة الفرعونية وما تلاها من عصور حتى جاء شامبليون وفك عقدة اللغة الهيروغليفية، وبالتالي عادت ذاكرة كاملة لثلاثة آلاف ومائتي عام من التاريخ المكتوب والمدون. ولكن الأمر لم يتوقف عند هذه النقطة؛ فقد أعاد عدد من العلماء الغربيين أكثر من ألف وستمائة عام من عصور ما قبل التاريخ إلى الذاكرة المصرية مرة أخرى، وهو ما دونه بتفصيل شديد عالم مصر العظيم سليم حسن في موسوعته عن التاريخ الفرعوني، والتي أعيد نشرها مرة أخرى مؤخراً في إطار مشروع مكتبة الأسرة، وجاء فيه جهود دي مورجان الفرنسي الذي قام بحفريات وأبحاث عن العصر الحجري في مصر، وتبعه بوقييه لا بير الفرنسي أيضاً وركز على العهدين الحجريين القديم والحديث، والأستاذ ينكر الألماني الذي أضاف الكثير من المعرفة عن الفنون والصناعات التي كانت متداولة في مصر في عصور ما قبل الأسرات، وبعد هؤلاء جاءت قائمة طويلة من العلماء لكي تكتشف حضارات متكاملة قامت في مناطق مصرية ما زلنا نعرفها حتى اليوم مثل البداري والكوم الأحمر وأبو صوير والفيوم، وفيها كان فجر البشرية يبزغ على العالم وينقل الإنسان من حالة أحد روافد المملكة الحيوانية إلى حالة المملكة الإنسانية القادرة على ترويض الطبيعة وصناعة الحضارة.
هذا النوع من الاستمرارية الحضارية، سواء كان ذلك في الحالتين المصرية والسعودية، أو في حالات عربية أخرى، يشكل جذور الدولة الوطنية الحديثة وهي تتقارب مع العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين بكل إنجازاته الإنسانية والتكنولوجية. ولأن ذلك يشكل عملية متجددة دائماً فليس مدهشاً أن استمرار الاكتشافات التاريخية الجديدة، والاحتفاء بها كما جرى في مصر في احتفال «طريق الكباش» ومن قبله نقل المومياوات من المتحف المصري إلى متحف الحضارة. وبينما كان كل ذلك جزءاً لا يتجزأ من بناء «الجمهورية الجديدة»، فإن ما يماثله في السعودية يظهر بقوة المسار الحديث والمتجدد لما أشرت إليه في مناسبات سابقة بالتأسيس الثاني للدولة السعودية. التأسيس الأول كما هو معلوم هو التسجيل لاستقلال الدولة السعودية ضمن الحدود الراهنة في عام 1932 كواحدة من نتائج الحرب العالمية الأولى من ناحية، والنهضة التي قام بها المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود الذي وحّد المملكة من ناحية أخرى؛ وجعلها مركزاً للعالم الإسلامي من ناحية ثالثة. كان التوحيد عملية سياسية في الأساس، حيث يكون استخدام القوة العسكرية امتداداً للسياسة بوسائل أخرى؛ وكان الحَرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة هما جوهر الدولة التي علمها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والسيف رمز للإرادة والقدرة في ثوب أخضر.
التأسيس الثاني للمملكة والذي كانت له إرهاصاته في عهود سابقة، شكّل نقلة كبيرة اعتباراً من عام 2015 قام على ربط ما هو منفصل بالمسافة، وما هو مشترك بين البشر من جذور تاريخية وتجربة إنسانية تقوم على التفاؤل البشري في التعامل مع المستقبل والارتباط بماضٍ لا يخص فئة أو جماعة. وما جرى خلال السنوات الخمس الماضية من اكتشافات أثرية في أركان المملكة كلها لافت للنظر، وإعدادها ليس فقط لكي تكون مزارات سياحية، وإنما لكي تكون تراثاً لكل المواطنين، يعود تاريخ المملكة ليس فقط للعصور الإسلامية المجيدة، بل أيضاً إلى عصور أقدم تشهد على وجود الحضارة في عهود موغلة في التاريخ. الدولة الوطنية الحديثة هي تلك التي تتجسد هويتها في استمرارية تاريخية تتجاوز الحدود والأزمنة، تربط ما بين المواطنين، وتدفعهم جميعاً في تآلف لتحقيق التقدم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ والهوية والدولة الوطنية التاريخ والهوية والدولة الوطنية



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon